قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن الجزائر تجاوزت مستوى قطع العلاقات الثنائية مع المغرب بشكل أحادي وتقويضها بإثارة عناصر الخلاف واختلاق أسبابه، إلى الدخول في خلافات مع أصدقاءه الكثيرين عبر العالم، كما هو الحال بالنسبة إلى الإمارات ومالي والدول الإفريقية المنخرطة في مبادرة الأطلسي.
مكاسبُ المغربِ عند الجزائرِ متاعبُ
وأكد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، في تصريح لموقع آش نيوز، أن السبب الرئيسي وراء سرديات الجزائر الانفعالية تجاه الدول المذكورة، مكاسب المغرب في ملف وحدته الترابية، سواء بدعم 100 دولة لمبادرة الحكم الذاتي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وألمانيا، مقابل عدم اعتراف 84 % من دول العالم بالكيان الوهمي، أو فتح 30 بلدا لقنصليات عامة بالصحراء المغربية.
سجينة مواقف عقيمة
ورغم كل هذه التطورات، يضيف بودن، لم تتمكن السلطات الجزائرية بعد من تكوين تصور صحيح وعقلاني وعملي حول ملف الصحراء المغربية ولا زالت سجينة بعض المواقف العقيمة، التي يتم التعبير عنها في مواقف رسمية باستمرار، مؤكدا أن إصرار الهيئات الرسمية الجزائرية على إعادة إنتاج نفس الأسطوانة القديمة التي عفا عنها الزمن بخصوص ملف الصحراء، يجعلها في وضع معزول عن التطور الحاصل في مواقف المجتمع الدولي والقوى الدولية الفاعلة، التي تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي وسيادة المغرب على صحرائه.
فقدان الثقة الدولية
وتابع المتحدث ذاته متسائلا: كيف للسلطات الجزائرية أن تقنع طرفا وازنا، والمجتمع الدولي يدرك أنها تقول الشيء وتفعل نقيضه؟ وهذا واضح في نظرتها للعملية السياسية التي تؤطرها القرارات الأممية وآخرها القرار 2703، حيث أنها لا تريد الانخراط في المسار السياسي، باعتبارها طرفا رئيسيا، وتحكم على مخرجاته مسبقا في معاكسة واضحة للإرادة الدولية. والآن، وقد أصبحت عضوا غير دائم في مجلس الأمن، كيف ستقنع أعضاء المجلس بتنصلها من المشاركة في العملية السياسية التي يدعمها مجلس الأمن؟
التخلي عن عقلية الحرب الباردة
واسترسل بودن قائلا: يتوجب على السلطات الجزائرية الرسمية أن تفكر في مشاكلها الخاصة وتبتعد عن الفقاعات الدبلوماسية والمجازفة، وقد ظهر عدم جدوى هذا النهج في النتائج الصفرية المحصلة في عدة محطات سواء في العلاقة بالنيجر أو تجمع “بريكس” أو إعلانات الوساطة في بعض النزاعات الدولية والإقليمية، بالتالي فقد أصبحت اليوم وأكثر مما مضى، مطالبة بالتخلي عن عقلية الحرب الباردة وخلق العداء والانقسام لأن العالم يتغير بسرعة، كما يجب عليها الانتباه لنفسها وتوخي الحذر في بعض التصريحات التي تسيء للشعب الجزائري وتؤثر على مصداقية الدبلوماسية الجزائرية في الأوساط الدولية.
تضحيات غير محسوبة العواقب
جدير بالذكر أن الجزائر شكلت موضوع لائحة سوداء طويلة، أعدتها الإمارات لمنع دخول عدد من مسؤوليها إلى ترابها الوطني، ردا عن الحملة العدائية التي شتنها أبواق الكابرانات ضدها بسبب زيارة الملك محمد السادس في الرابع من دجنبر 2023، كما تواجه أزمة حقيقية مع مالي، جراء دعمها لانفصاليي هذه الأخيرة وتقاربها مع المغرب مباشرة بعد ذلك. فإلى أي حد قد تذهب الجزائر في تضحياتها بعلاقاتها الدولية، فقط لتفريغ ضغينتها تجاه الانتصارات الديبلوماسية المغربية، دون احتساب للعواقب؟
التعليقات 0