أصبح “الكوتشينغ” في مجال التنمية الذاتية بالمغرب، أرضا خصبة “يرتع” فيها الجميع، بدون حسيب ولا رقيب ولا دبلوم يؤهله لممارسة هذه المهنة التي كتبت حولها كتب وأنجزت دراسات قيمة ومهمة عبر العالم.
400 درهم
مناسبة القول، حصة “الكوتشينغ” التي قام بها خلال نهاية الأسبوع يونس الشرايبي، بفضاء “بارادايز” بالبيضاء، والتي كان ثمن تذكرة الراغبين في الاستفادة منها، 400 درهم للشخص.
ويونس الشرايبي لمن لا يعرفه، هو طبيب أسنان وداعية وخطيب جمعة و”فقي” ومؤثر على “أنستغرام” و”كوتش” في التنمية الذاتية في الأوقات نفسها. وهو يعتمد في ممارسة “الكوتشينغ” على القرآن، ويقدم من خلال آياته نصائح للأسر والأفراد، حول كيفية تربية الأولاد والحفاظ على زواج ناجح وإدارة “الستريس” والعديد من المشاكل الحياتية اليومية التي تؤرق بال المجتمع. أما “الستوريات” التي يصورها يونس الشرايبي، “الداعية” العصري، الذي يتحدر من مدينة فاس، العاصمة العلمية للمملكة، على صفحته ب”إنستغرام”، فتقدم نصائح للمتابعين اعتمادا على الأدعية والأحاديث النبوية والآيات القرآنية، لكنها تسوق في الوقت نفسه لعيادته حيث يمارس مهنة تجميل الأسنان للراغبين في ذلك.
“في سبيل الله”
الشرايبي نفسه، سبق أن أكد قبل شهور، في برنامج “السهم” الذي تقدمه الإعلامية ماجدة الكيلاني على قناة “شدى تي في”، أن ما يقوم به من “كوتشينغ” للمتابعين “كا يديرو بلا فلوس”، و”في سبيل الله”، بغرض “نهزوا النيفو فالبلاد”، (ناسيا أن الرقي بفكر المجتمعات يكون عن طريق التعليم ولا شيء غيره). لكن يبدو أن فكرته تغيرت بدليل أنه يقدم حصصه بمقابل، وليس مجانا، ويجني بعد ساعات قليلة من “التاحلايقيت” التي يجيدها، ملايين السنتيمات. وكل ذلك عن طريق كتاب الله الذي لا يحتاج إلى “كوتش” ليرتقي بأرواح من يؤمنون به.
“سيد النبي”
في الحوار نفسه، قال الشرايبي الذي لا تخلو شخصيته من روح مرحة تحبب الجمهور إليه، إن “طريق الدين ما فيهاش الفلوس”، وإنه “كا يدفع من جيبو وما عمرو دخل فرنك” من هذه الحصص. وأضاف “عمرني دخل عليا ريال ديال الدين. إيلا خلطنا الدين والفلوس غادية تخربق. اللي درتها كا تكون لوجه الله”، ليبقى السؤال المطروح اليوم: في جيب من تستقر هذه الملايين التي تجنيها من أثمنة تذاكر دخول حصصك؟ وأين تذهب أموال الاستشارة التي فتحتها عن بعد، والتي يصل ثمنها إلى 1500 درهم؟
من يشاهد حوارات الشرايبي ويطالع فيديوهاته على “إنستغرام” مع زوجته وبناته تختلط عليه الأمور فعلا ويحتار أين يصنف الرجل. هل هو رجل دين أم يتاجر به؟ خاصة حين “كا تشدو البكية” مع كل آية قرآنية أو حديث ل”سيد النبي” وتتغير نبرة صوته، في حين كان لتوه يمزح أو يتكلم بشكل عاد. وهو “السويتش” الذي يتقنه بامتياز مثلما أكد بنفسه في الحوار المذكور.
تسيب وفوضى
وتستدعي مثل هذه “الظواهر” الإنستغرامية، تدخلا عاجلا للحد من هذا التسيب وهذه الفوضى، خاصة حين يتعلق الأمر باستعمال الدين والقرآن من أجل استقطاب جمهور واسع من المتابعين، ودغدغة مشاعرهم، سواء على منصات التواصل الاجتماعي أو خلال حصص “الكوتشينغ”، الذي هو مهنة قائمة بذاتها وتحتاج الكثير من “الباكغراوند” في العديد من المجالات، أبرزها علم النفس والسوسيولوجيا.
التعليقات 0