هو محمد بن سعيد آيت إيدر، اليساري الذي قاوم الاستعمار الفرنسي وشارك في تأسيس جيش التحرير. اتسمت شخصيته بالجرأة وارتبط اسمه بصفات مميزة من بينها القوة والجدارة والفعالية، خاصة عندما أسس جيش التحرير المغربي، فهو لم يكن مجرد رجل سياسية فقط، بل شارك في قيادة فرق وتكوين خلايا المقاومة لتحرير البلاد، جنبا إلى جنب مع شخصيات بارزة، بالإضافة إلى مساهمته في المقاومة المسلحة.
المولد والنشأة
ولد محمد بن سعيد آيت إيدر يوم 1 يوليوز 1925 في قرية تينمنصور بمنطقة اشتوكة آيت باها. تلقى تعليمه في عدد من مدارس منطقة سوس العتيقة، ثم انتقل إلى مراكش حيث تابع دراسته في مدرسة ابن يوسف، المؤسسة الشهيرة التي خرجت العديد من عناصر النخبة الوطنية أيام الحماية. وعن عمر ناهز الـ 99 سنة، غادر آيت إيدر الحياة إلى دار البقاء، اليوم الثلاثاء 06 فبراير 2024، بعد مسيرة سياسية طويلة تستحق أن توثق.
التجربة السياسة
نشأ آيت إيدر في منطقة معزولة عن التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المغرب في عهد الحماية، ولم يكتشفها إلا بعد انتقاله إلى مراكش للتعلم في مدرسة ابن يوسف، حيث فتح عينيه على العمل الوطني، والتقى بقيادات سياسية كعبد الله إبراهيم والمهدي بن بركة، واصطدم مبكرا رفقة زملائه بوالي مراكش الشهير الباشا التهامي الكلاوي، رجل فرنسا القوي في المغرب آنذاك.
وقد أسهم آيت إيدر في تأسيس منظمة 23 مارس، وكان رئيسا لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي. شغفه بالعمل السياسي لم يتوقف هنا، بل انتخب نائبا في البرلمان عن إقليم شتوكة أيت باها، وفي عام 1992، كان الراحل وراء تأسيس الكتلة الديمقراطية.
رمز اليسار
قرر آيت إيدر سنة 2002 توحيد شتات اليسار بتأسيس حزب اليسار الاشتراكي الموحد، والذي تخلى فيه عن منصب الأمين العام واكتفى بموقع الرئيس. ولأنه ينحدر من عائلة ميسورة، كانت سياسته غير مبنية على حب السلطة والمال، إذ كان مخلصا لوطنه وهو ما تجلى في المقاومة التي قادها من أجل حصول المغرب على الاستقلال، ونضاله بعد ذلك من أجل تقدم وازدهار البلاد وسيرها نحو الديمقراطية.
توشيح ملكي
وفي مبادرة فاجأت الكثيرين، قام الملك محمد السادس بتوشيح آيت يدر، بوسام الحمالة الكبرى بمناسبة عيد العرش، بالرغم من أن الراحل عرف بمعارضته لطقوس حفل البيعة والولاء، فضلا عن معارضته لتقبيل يد الملك، ولكل الدساتير في عهد الملك الحسن الثاني، ومقاطعته للتصويت على دستور 2011. بل إنه خلال توشيحه من قبل الملك محمد السادس، كان آيت إيدر من القلائل الذين صافحوا الملك باليد، ولم يقبل يده أو كتفه.
تراث غني
ترك محمد بنسعيد آيت يدر، بعد رحيله، تراثا غنيا من النضال والإسهام في بناء وتشكيل مسار المغرب الحديث، وسيظل اسمه محفورا في ذاكرة الأجيال القادمة كرمز للتفاني والتضحية من أجل الوطن، كما شكل رحيله فراغا في قلوب الكثيرين الذين احترموا وتابعوا مسيرته الطويلة، المليئة بالتضحيات وبالمواقف العظيمة.
التعليقات 0