لا حديث في صفوف المغاربة مع اقتراب شهر رمضان، إلا عن غلاء الأسعار ووضعية السوق الوطنية، في ظل إصرار الحكومة على تشجيع الزراعات التصديرية المستنزفة للماء في عز الجفاف. ولفهم أثر هذه الزراعات على السوق الوطنية، وكيف لها أن تمس الأمن الغدائي للمغاربة، أجرى موقع “آش نيوز“، حوارا مع محمد جدري، الخبير الاقتصادي، ومدير مرصد العمل الحكومي، الذي أوضح لنا عدد من النقط المهمة هي كالتالي:
كيف يمكن وصف أزمة الماء اليوم بالمغرب؟
أزمة الماء في المغرب أزمة حقيقية أضحت تشكل مسألة حياة أو موت، إذ سجلت المملكة عجزا في التساقطات المطرية خلال الموسم الزراعي الجاري بنسبة 70 في المئة، كما تراجعت نسبة ملء السدود إلى 23.2 في المئة مقابل 31.5 بالمئة بينما تراجعت حصة الفرد من الموارد المائية من “2560 متر مكعب سنويا في سنة 1960 إلى 620 متر مكعب في سنة 2020″، وفق معطيات وزارة التجهيز والماء.
ما هي أسباب الأزمة الرئيسية؟
ما يجب معرفته أن إشكالية الماء لديها ثلاث أسباب رئيسية، وهي كالتالي:
أولا: المغرب جاء في منطقة جغرافية كان فيها منخفض جوي يروى بالأمطار، ولأسباب جغرافية طبيعية خارج عن الإرادة تحول هذا المنخفض من مكانه ما أدى إلى جفاف حاد في عدد من المناطق، خاصة الجنوب، وهذا الجفاف هو جفاف هيكلي وبنيوي في الاقتصاد الوطني المغربي.
ثانيا: السياسة الفلاحية للمملكة المرتكزة على تصدير الزراعات المستنزفة للماء من فواكه وخضر، إضافة إلى تشجيع المخطط الأخضر السابق للفلاحين من خلال دعمهم في تكثيف الزراعات المثمرة، كالفراولة والأفوكادو والبطيخ والحوامض، التي يتم تصديرها للخارج، نظرا للطلب المتزايد عليها خارجيا، رغم استهلاكها للماء.
ثالثا: تأخر الحكومة الحالية والسابقة في تشغيل عدد من المشاريع المهمة كمحطات تحلية مياه البحر، التي كان على الحكومة أن توفر 36 منها، إضافة إلى التأخر في مشاريع ربط الأحواض المائية، ومعالجة المياه العادمة لإعادة استعمالها في السقي، بدل استهلاك الماء الصالح للشرب.
ما رأيك في قرار إغلاق الحمامات ومحلات غسيل السيارات؟
كخبير اقتصادي، أنا غير متفق نهائيا مع هذا القرار، إلا إذا كان في إطار زعزعة المواطنين لتوعيتهم بمدى خطورة الوضع الحالي، وما يجب الإشارة له اليوم هو أن المواطنين لا يستهلكون من الماء سوى 13 في المائة، والأهم هو إعادة النظر في الاستراتيجية الفلاحية التي تستهلك حوالي 78 في المائة، وقرار الإغلاق لن يفيد سوى في تقليص الاستثمار الداخلي، المساهمة في ارتفاع حدة الفقر بسبب تشرد المهنيين الذين يستمدون قوت يومهم من هذه الحمامات ومحالات غسيل السيارات، إذ هناك عدد من الحلول الأخرى غير الإغلاق، كاستعمال المياه العادمة في غسل السيارات بدل المياه الصالحة للشرب.
كيف سيؤثر استمرار الزراعات التصديرية على السوق الوطنية؟
نظرا للجيل الجديد من المخطط الأخضر، الذي امتنعت فيه وزارة الفلاحة عن دعم الفلاحين المستثمرين في الزراعات الإنتاجية التي تصدر لأوروبا، فيمكن اليوم أن يتجه الفلاح إلى الزراعات المطلوبة وطنيا، وهي القمح والذرة والشمندر والنباتات الزيتية، إذ يجب خلق توازن بين الزراعات التصديرية التي فيها أساسا الأشجار المثمرة، والعودة للزراعات الاستهلاكية المذكورة، لكي لا يتضرر السوق الوطني ولا نضطر لاستوراد القمح والشعير نظرا لاهتمام الفلاحة بالزراعات التصديرية المدرة للدخل.
التعليقات 0