محلل سياسي: علاقة الرباط وباريس ستشهد تطورا سياسيا.. حوار

في ظل النقاش السياسي الحالي حول الانتخابات التشريعية الفرنسية، والتي خلقت الحدث وجعلت الأنظار تتجه صوب مدى إمكانية تأثر علاقة باريس والرباط، بالحسابات الظرفية التي تميز الاستحقاقات الانتخابية التشريعية، أجرى “آش نيوز”، حوارا مع رضوان جخا، المحلل السياسي، الذي كشف لنا وجهة نظره في الموضوع وقدم رؤية تحليلية حول إمكانية التأثر أو التطور على مستوى العلاقات بين البلدين في ظل هذه الانتخابات، هذه تفاصيله:
ماهي رؤيتك للإنتخابات الفرنسية وأهم الملاحظات التي تستشفّها منها؟
أول مؤشر يمكن ملاحظته بعد نتائج الانتخابات الفرنسية، هو الانقسام الواضح والاستثنائي الذي ظهر في الخريطة السياسية الفرنسية، مما قد يعصف بتشكيل الحكومة الجديدة، بل قد ينتج عنه جمود سياسي، نظرا لغياب الأغلبية المطلقة من جهة أولى، والتباعد الإيديولوجي من جهة ثانية، وعدم تلاقح الرؤى والأهداف والبرنامج بين القوى الثلاث الكبرى، الوسط، اليمين المتطرف، واليسار من جهة ثالثة، فالانتخابات الفرنسية شهدت مفاجآت كبيرة ببزوغ جديد لتيار اليسار عبر الجبهة الشعبية الجديدة، التي فازت بالانتخابات التشريعية في فرنسا بـ182 مقعدا في البرلمان الفرنسي، بزعامة جون لوك ميلونشون، تلاه اليمين المتطرف الذي كان يمني الفوز بـ 162 مقعدا بزعامة ماري لوبان.
ما رأيك في الاستثناء الذي حدث هذه السنة على مستوى الأرقام القياسية في نسب التصويت؟
نعم، لقد شكل هذا الحدث الاستثناء، فقد سجل الاقتراع نسبة مشاركة تاريخية تقدر بـ %67,5, ما يؤكد أهمية هذه المرحلة وجسامة المحطة السياسية لدى الفرنسيين، ومن وجهة نظري، أنه بالرغم من المفاجآت التي خلقتها انتخابات البرلمان الأوروبي بصعود قوى اليمين المتطرف في العديد من الدول، إلا أن الشعوب الأوروبية على مستوى السياسة الداخلية مازالت تتشبت بالتوازن بين كتلتي الوسط، وبداية عودة وتشكل تمظهرات اليسار.
من وجهة نظرك كيف ستؤثر الانتخابات الفرنسية على العلاقات المغربية الفرنسية مستقبلا في ظل هذه التطورات؟
إذا عدنا إلى موقع المملكة المغربية ومدى تأثرها بنتائج الانتخابات الفرنسية، أعتقد بأن المغرب ذكي جدا في تعامله مع كافة القوى والتكتلات الثلاث، وسط، يمين ويسار، حيث تجمعه علاقات طبيعية متوازنة معها جميعا، ما يعني بأن المغرب وضع المحددات الإستراتيجية والخطوط العريضة، لأي شراكة إستراتيجية مع أي قطب دولي، وهي المحددات التي وضعها الخطاب الملكي الإستراتيجي لذكرى ثورة الملك والشعب “الصحراء هي النظارة التي ينظر بها المغرب إلى صدق الشراكات ونجاعتها”، كما أن الدولة الفرنسية فهمت ذلك من خلال بدء الحوار الإستراتيجي بين البلدين من خلال الزيارات المتبادلة بين وزير خارجيتي البلدين، كما لا ننسى بأن فرنسا بمختلف تياراتها تعرف جيدا مكانة المغرب قاريا، وتجمعها شراكة تجارية متينة، وتبادل تجاري يناهز 14 مليار أورو جعلتها في المقدمة لفترات طويلة قبل أن تحتل المركز الثاني.
هل ستتطور العلاقات بين باريس والرباط؟
من وجهة نظري، العلاقات المغربية الفرنسية بعد النتائج التشريعية لهذا البلد الجار والصديق الإستراتيجي ستتطور، خصوصا مع حكمة الدبلوماسية الملكية بقيادة جلالة الملك محمد السادس ومع دبلوماسية الوضوح والطموح وتعدد الشراكات مع الأقطاب الدولية مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبرتغال… دون نسيان الريادة القارية للمملكة المغربية بفضل الأوراش الملكية الإستراتيجية، كمشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي المغرب_نيجيريا، المبادرة الملكية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، الريادة المغربية الأمنية دوليا لمكافحة الإرهاب والتطرف، الريادة المغربية على مستوى التصدي للهجرة غير الشرعية، الريادة الإبتكارية المغربية في المناخ، وغيرها الكثير التي ستجعل فرنسا سواء صعد يمينها أو يسارها، ستسير في نهج تطوير شراكتها لتصل لدرجة استراتيجية مع القوة الإقليمية المغرب.
تعليقات 0