لم يكن حصول كمال داود، الكاتب الفرنسي ذو الأصول الجزائرية، بجائزة “الغونكور” الأدبية المرموقة، مفاجئا، فالكثيرون توقعوا أن يكون الرجل الأوفر حظا من بين المتنافسين، ومن بينهم الفرنسية إيلين غودي وساندرين كوليت والفرنسي من أصل رواندي غاييل فاي، فروايته “الحور العين”، تملك جميع المقومات التي تجعل منها مثار جدل وفتنة وإبهار في الأوساط الأدبية الغربية، وعلى رأسها موضوعها الذي يدور خلال ما يعرف ب”العشرية السوداء” التي عرفتها الجزائر، وفكرتها التي تمزج بين العنف والإرهاب والإسلام والسياسة والعلاقة بالمرأة.
“هدية” لتقربه من إسرائيل
وفي الوقت الذي اعتبر العديد من النقاد أن رواية “الحور العين”، الصادرة عن دار النشر العريقة “غاليمار”، إنجاز أدبي يعزز من مكانة كمال داود باعتباره أحد أبرز الأصوات الأدبية المعاصرة في العالم الفرنكوفوني، يعتقد آخرون أنها كانت “هدية” له على تنصله من هويته وتقربه من إسرائيل ودفاعه عن المستعمر الفرنسي الذي استباح بلاده لسنوات طويلة، هو الذي اعترف في تصريحات سابقة له أنه، “أكثر فرنسية من الفرنسيين”.
ولد كمال داود في مدينة مستغانم الجزائرية سنة 1970، لأب دركي، ووسط ستة إخوة. ترعرع في بيت جده بإحدى القرى. بدأ حياته المهنية في الصحافة قبل أن ينتقل إلى الكتابة الأدبية التي سرعان ما فتحت له أبواب العالمية. تميز بنهج فريد في كتابة الرواية يجمع بين السرد الروائي الغني والتحليل الفلسفي العميق، مما جعل أعماله تتجاوز مجرد الحكاية لتتحول إلى استكشاف دقيق للقضايا الاجتماعية والثقافية.
انتقاد النظام الجزائري
نال داوود شهرة واسعة في عام 2015 عندما حصل على “جائزة غونكور لأول رواية” عن كتابه “مرسو.. تحقيق مضاد”، الذي يعد إعادة قراءة لرواية “الغريب” لألبير كامو من منظور جديد. هذه الرواية أثارت الكثير من النقاشات حول الاستعمار والهوية، مما رسخ مكانة داوود كصوت أدبي جريء ومعاصر.
عرف كمال داود بانتقاده للنظام الجزائري الذي اضطره إلى مغادرة وطنه نحو باريس، في رحلة منفى قاسية قادته إلى الحصول على أرقى جائزة أدبية فرنسية، ما جعله يتعرض للهجوم الدائم والممنهج من أذناب “الكابرانات” وأبواقهم، خاصة بعد حصوله على الجنسية الفرنسية التي جعلت منه “خائنا” لبلده لدى الرأي العام الجزائري، ودفعت روائيا مثل رشيد بوجدرة إلى أن يدرجه ضمن كتابه “زناة التاريخ” حول الكتاب الذين نبذوا مجتمعاتهم وتعاطفوا مع المستعمر.
التعليقات 0