الجزائر تسيس أزمة المياه والمغرب يعزز استراتيجيته التنموية
وادي كير مورد مائي يتحول إلى محور صراع جديد وتسييس الملف المائي بحملات إعلامية جزائرية زائفة

وسط تصاعد التوتر السياسي بين المغرب والجزائر، أصبح ملف المياه أحدث ساحة للخلاف بين الجارتين، حيث تصاعدت الاتهامات الجزائرية بشأن استغلال الموارد المائية المشتركة، في ظل غياب اتفاقيات واضحة تنظم تدبير هذه الموارد.
وادي كير.. مورد مائي يتحول إلى محور صراع جديد
وبرز وادي كير، الذي ينبع من جبال الأطلس المغربية ويشق طريقه نحو الجنوب الغربي الجزائري، كنقطة توتر جديدة، إذ تتهم الجزائر المغرب باتباع ممارسات عدائية تهدف إلى تقليص تدفق المياه نحو أراضيها، وهو ما تنفيه الرباط.
وبدأت الأزمة في عام 2021 عندما أطلق المغرب مشروع سد قدوسة في إقليم الرشيدية، بسعة تخزينية تصل إلى 220 مليون متر مكعب. وأثار المشروع مخاوف الجزائر، التي زعمت أن السد أدى إلى تقليل التدفقات المائية نحو سد الجرف الأصفر، أحد أكبر السدود الجزائرية، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى أواخر الستينيات بسعة 365 مليون متر مكعب.
حملات إعلامية جزائرية زائفة تتحدث عن “كارثة بيئية”
وكثفت الجزائر خلال السنوات الأخيرة من حملاتها الإعلامية والدبلوماسية، متهمة المغرب بتجفيف مناطقها الحدودية. وخلال مشاركاته في محافل دولية، أشار وزير الموارد المائية الجزائري، طه دربال، إلى أن الرباط تتعمد إعاقة التدفق الطبيعي للمياه.
ولم تقتصر هذه الاتهامات على المسؤولين، بل تبنت وسائل الإعلام الجزائرية خطابا تحذيريا، معتبرة أن نقص المياه في بعض أحياء بشار، التي لا تتلقى الإمدادات إلا مرة واحدة كل عشرة أيام، يشكل “كارثة بيئية”، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” الجزائرية.
المغرب يواصل استراتيجيته التنموية
ويرى محللون أن الجزائر تحاول تسييس الأزمة وإلقاء اللوم على المغرب بدلا من التركيز على تدبير مواردها الداخلية بشكل أكثر كفاءة. ونقلت صحيفة “لوموند” الفرنسية عن خبير في الموارد المائية أن استغلال المغرب لمياه وادي كير ارتفع من 8 ملايين إلى 30 مليون متر مكعب سنويا بعد بناء سد قدوسة، لكن روافد الوادي تعوض جزءا من النقص، مما يقلل من حجم التأثير الفعلي على الجزائر.
مشاريع صناعية وزراعية على المحك
لا يقتصر النزاع على الجوانب البيئية، بل يتداخل مع مصالح اقتصادية كبرى. ففي حين تعمل الجزائر على مشروع ضخم لمعالجة خام الحديد بمنجم غار جبيلات في تندوف، والذي كان تعاونا مشتركا بين البلدين في السبعينيات قبل أن تتولى الجزائر تنفيذه مع شركات صينية، يواصل المغرب استثماراته في قطاع الزراعة بمنطقة بودنيب، حيث شهد القطاع توسعا ملحوظا بفضل مشاريع زراعة النخيل وتطوير أنظمة الري.
الجفاف والتغيرات المناخية
ورغم التصعيد الإعلامي والدبلوماسي، فإن التحدي الأكبر الذي يواجه المغرب والجزائر ليس بناء السدود، بل التغيرات المناخية وتراجع التساقطات المطرية. فأزمة الجفاف أصبحت سمة بارزة في المنطقة، حيث لم تتجاوز نسبة ملء سد قدوسة 28% بحلول شتنبر 2024، رغم التساقطات المطرية الاستثنائية خلال تلك الفترة. وبينما تحاول الجزائر تسييس ملف المياه، يواصل المغرب تنفيذ مشاريعه التنموية لتعزيز أمنه المائي والزراعي.
تعليقات 0