الجزائر تتخلى عن صنيعتها.. والبوليساريو تبحث عن كفيل جديد
أزمة مالية غير مسبوقة تضرب قيادة الجبهة الانفصالية وتشل صرف الرواتب

تعيش قيادة جبهة البوليساريو الانفصالية على وقع أزمة مالية خانقة، دخلت خلالها في مأزق حاد يتعلق بعدم القدرة على دفع رواتب موظفيها، وذلك بعد رفض الجزائر، الممول الرئيسي، ضخ أي دعم مالي جديد لتغطية نفقات الجبهة.
فبعد الضجة التي أحدثها تأخر أجور رجال الشرطة التابعين للجبهة، دخل أساتذة التعليم بمخيمات تندوف بدورهم على خط الأزمة، حيث حرموا من مستحقاتهم المالية، ما دفع ما يسمى بـ”وزارة التربية والتعليم” في الكيان الانفصالي إلى نشر بيان رسمي، اعترفت فيه بفشلها في تدبير أجور العاملين لديها.
قيادي يعترف بالفشل ويبرر بالأسباب “الجوهرية”
وفي رسالة مفتوحة، خرج خاطري عدوح، أحد أبرز الوجوه القيادية في البوليساريو والرئيس السابق لوفدها في محادثات المائدة المستديرة بجنيف، ليقدم اعتذاراته للأساتذة، مؤكدا أن هناك “عوامل جوهرية” تقف وراء عدم صرف الأجور، من دون تقديم توضيحات دقيقة بشأن طبيعة تلك العراقيل.
وما زاد من حساسية الوضع، أن الرسالة نفسها تضمنت تهاني عيد الفطر، في وقت يعيش فيه الأساتذة وموظفو ما يسمى الوزارة أوضاعا اجتماعية متدهورة بسبب غياب الأجور، في دلالة على عمق التناقض بين شعارات الجبهة ومعاناة كوادرها.
ارتباك داخلي وتغيرات في القيادة
وتأتي هذه الأزمة المالية في وقت يعرف فيه الكيان الانفصالي هزات تنظيمية متتالية، أبرزها الإطاحة بخاطري عدوح من عضوية المكتب الدائم للأمانة العامة للجبهة، ليخلفه عبد القادر طالب عمر، ممثل البوليساريو بالجزائر، في خطوة تؤشر على استمرار التصفيات الداخلية بسبب الصراع على النفوذ ومصادر التمويل.
احتجاجات في الشارع واستمرار الاحتقان
وفي مؤشر واضح على احتقان الوضع داخل المخيمات، نظم عدد من عناصر الشرطة التابعين للجبهة، اعتصاما أمام مقر ما يسمى بـ”رئاسة الحكومة” في مخيم بوجدور، للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة، وهو ما يعكس بداية تمرد داخلي يتوسع تدريجيا في صفوف الأجهزة الأمنية والإدارية التي كانت إلى وقت قريب تعد من الركائز الصلبة لهيكل البوليساريو.
انعكاسات محتملة على استقرار الجبهة
ويرى مراقبون أن هذه الأزمة غير المسبوقة قد تعمق هشاشة الكيان الانفصالي، خاصة في ظل اعتماد الجبهة كليا على الدعم الخارجي، وعلى رأسه التمويل الجزائري، الذي يبدو أنه بات مشروطا باعتبارات سياسية وأمنية في ظل توتر العلاقات الإقليمية.
فهل تشكل الأزمة المالية بداية تآكل داخلي داخل قيادة البوليساريو؟ وهل تتجه المخيمات نحو موجة غضب اجتماعي جديدة في غياب حلول واقعية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
تعليقات 0