تحت عنوان رمضان شهر التنوير والنقاش المستنير، نظمت جمعية “انطلاقة”، على مدار شهر الصيام، مجموعة من الندوات الفكرية والثقافية بشراكة مع المقهى الأدبي “دار سعيدة” بمراكش، ناقشت خلالها العديد من القضايا التي تشغل بال الرأي العام الوطني، فاتحة المجال للنقاش المنفتح، بمشاركة العديد من المفكرين والباحثين، الذين حولوا الفضاء إلى واحة فكرية تجمع العقول المتطلعة إلى الحقيقة والتغيير، حسب ما جاء في بلاغ توصل “آش نيوز” بنسخة منه.

تعديلات مدونة الأسرة والفقه الإسلامي

وعقدت الجمعية، تزامنا مع اليوم العالمي للمرأة، ندوة فكرية حول “المرأة المغربية بين مقتضيات تعديلات مدونة الأسرة والفقه التراثي الإسلامي، سيّرها عمر شانا، رئيس جمعية “انطلاقة”، وشارك فيها حقوقيون أثروا بمداخلاتهم النقاش حول قضايا المساواة والعدالة الاجتماعية، ومن بينهم الباحث رشيد أيلال، الذي قدم رؤية نقدية تدعو لتثمين المكتسبات كما دعا إلى ضرورة المزيد من الاجتهادات لتحديث مدونة الأسرة بما يتماشى مع قيم العصر، مسلطا الضوء على عدة أحاديث منسوبة للرسول واجتهادات بعض الفقهاء التي تنظر للمرأة والأسرة بنظرة ذكورية عفا عنها الزمن، كما ركز في مداخلته، على قضية الإرث، مشيرا إلى ضرورة اعتماد قوانين تضمن المساواة بين الجنسين، مستشهدا بتجربة السنغال، ومتسائلا كيف أن دولة جارة في إفريقيا استطاعت تجاوز هذا المطب الفقهي التراثي، في الوقت الذي لا زال المغرب، رغم ريادته القارية في مجموعة من القطاعات، تضيع فيه حقوق النساء والأطفال باتباع قوانين تسيطر عليها عقليات متحجرة لا تتطور.

المدونة انتقلت من “القدسية” إلى قانون قابل للتطوير

من جهته، أوضح الباحث محمد عبد الوهاب رفيقي، أن مقترحات قانون الأسرة التي ترتبط بما هو ديني هي فقط ما تمت إحالتها على المجلس العلمي الأعلى، مؤكدا على إيجابية هذه النقطة، باعتبار أنه تم الانتقال من مدونة سابقة كتبت من طرف فقهاء في جميع موادها سنة 1958، إلى مدونة أشرفت عليها لجنة في 95 في المائة منها من الفقهاء، ثم إلى تعديلات (139 تعديل)، تم رفع 19 تعديل منها إلى المجلس الأعلى، كما أنها لازالت ستحال إلى المجلس الحكومي ثم الأمانة العامة للحكومة ثم البرلمان وستناقش داخل اللجان.

وأكد رفيقي، في مداخلته، أن هذه التعديلات المقترحة للمدونة لم تخرج عن مبدأ تحليل الحرام ولا تحريم الحلال، كما دعا بدوره إلى تثمين المكتسبات واستغلالها كأساس لنضال مستقبلي، موضحا أن المدونة انتقلت من “القدسية” إلى قانون مدني قابل للتطوير.

مسار الأدب الأمازيغي من الشفاهة إلى التدوين

ونظمت الجمعية أيضا ندوة الأدب الأمازيغي بين الشفاهة والكتابة، استضافت المفكر أحمد عصيد، الذي استعرض مسار الأدب الأمازيغي من الشفاهة إلى التدوين، مؤكدا على أهمية التدوين للحفاظ على الهوية الثقافية، ومشيرا إلى تطور العديد من ألوان الشعر والأغنية الأمازيغية كجسور بين التراث والحداثة، كما دق ناقوس الخطر بسبب اندثار العديد من مظاهر التراث الأمازيغي الشفهي والاستعراضي، داعيا إلى تعزيز البحث الأكاديمي لضمان استمرارية هذا الإرث.