آش نيوز - الخبر على مدار الساعة - اخبار المغرب وأخبار مغربية

H-NEWS آش نيوز
آش نيوز TV2 أبريل 2025 - 22:33

بين تبون ورسول.. شعوب تدفع ثمن خطابات استعمارية قديمة

الجزائر وجنوب إفريقيا.. حين تتحول ذاكرة الاستعمار والعنصرية إلى عقبة أمام المستقبل

تبون ورسول

رصدت صحيفة أتاليار الإسبانية مفارقة لافتة تزامنت فيها واقعتان سياسيتان لهما دلالات رمزية، أولهما عودة السفير الجنوب إفريقي إبراهيم رسول إلى بلاده بعد قرار طرده من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تصريحاته المثيرة للجدل ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي وصفه فيها بـ”العنصري”. وثانيهما، الخطاب السنوي الذي أدلى به الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمام وسائل الإعلام، حيث عاد مجددا إلى مهاجمة الاستعمار الفرنسي، محملا اليمين الفرنسي مسؤولية أزمة العلاقات الدبلوماسية مع باريس.

هذا التوازي في الخطابات يكشف، حسب المراقبين، عن أزمة في “البوصلة السياسية” لدى البلدين، إذ إن التركيز المستمر على ملفات تاريخية مثيرة للانقسام بات يستخدم كستار لغياب الرؤية التنموية الحقيقية، أو حتى كوسيلة لتصريف الأزمات الداخلية نحو الخارج.

جنوب إفريقيا والعنصرية: خطر يهدد التعايش

في جنوب إفريقيا، لا تزال رواسب نظام الأبارتايد ترخي بظلالها على الحياة السياسية، وهو ما يهدد مناخ التعددية والتعايش الذي كان يعد أبرز منجزات نيلسون مانديلا وشريكه في المصالحة التاريخية فريدريك دي كليرك. فقد أدت الأجواء المشحونة بالخطاب العنصري إلى موجة نزوح غير مسبوقة لعشرات الآلاف من البيض ذوي الأصول الأوروبية نحو الولايات المتحدة الأمريكية، ما ينذر بخسارة أحد أعمدة الاقتصاد الجنوب إفريقي، ويضعف الكتلة البشرية المنتجة في البلاد.

وبدلا من الاستثمار في هذا التنوع، تغذى الصراعات الداخلية بخطابات سياسية تفتقر إلى الحكمة والبعد المستقبلي، الأمر الذي يهدد وحدة البلاد واستقرارها الاجتماعي والاقتصادي على المدى البعيد.

الجزائر والاستعمار: خطاب المظلومية في زمن التقدم

أما في الجزائر، فيواصل الرئيس تبون استخدام خطاب “الاستعمار والمظلومية” كورقة سياسية في مواجهة أزمات بلاده، من بينها توتر العلاقات مع فرنسا وإسبانيا، بل ورفض اليد الممدودة من عدد من العواصم الأوروبية. وتطرح تساؤلات عديدة حول من المستفيد من استمرار هذا الخطاب التصعيدي، إذ تشير تحليلات إلى أن دوائر داخل المؤسسة العسكرية تفضل بقاء البلاد في حالة عداء خارجي دائم لتبرير سلطتها ونفوذها. وهو ما ينعكس سلبا على الوضع الداخلي، حيث يهدر الزمن السياسي في معارك الماضي، بدلا من التوجه نحو استثمار الثروات الباطنية، وفتح أبواب التنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة من قبل الشعب الجزائري.

غياب الرؤية.. العدو المشترك

ما يجمع بين حالتي الجزائر وجنوب إفريقيا، حسب محللين، هو غياب الإرادة السياسية للخروج من أسر الماضي، رغم الحاجة الملحة لخطاب وحدوي وتنموي قادر على رفع التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. فمن دون تجاوز رواسب التاريخ وبناء مستقبل تشاركي، ستظل آمال شعبي البلدين معلقة في دائرة الانتظار.

إن الطريق إلى التنمية يمر عبر الشجاعة في القطع مع خطابات الاستعداء، والانخراط الفعلي في مسارات التقدم، فالشعوب اليوم لا تطلب من قادتها إحياء الماضي، بل تطمح إلى سياسات تستشرف المستقبل وتضمن الكرامة والعدالة والنماء.

Achnews

مجانى
عرض