في خطوة دبلوماسية استراتيجية، صادق مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، بالإجماع، على الموقف الإفريقي المشترك بشأن هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام، وذلك خلال جلسة ترأستها المملكة المغربية شهر مارس الماضي. ويأتي هذا القرار في سياق استعدادات الأمم المتحدة لمراجعة هذا الهيكل نهاية العام الجاري بنيويورك.

موقف إفريقي موحد بعد مشاورات موسعة

الموقف الجديد الذي يمثل توافقا إفريقيا واسعا، تم بلورته بعد مشاورات مكثفة بين الدول الأعضاء، ويعبر عن رؤية موحدة للقارة تجاه تعزيز فعالية بنية الأمم المتحدة لبناء وحفظ السلام. ويعد هذا التوافق خطوة أساسية نحو إعادة تعريف الخطاب العالمي في مجال دعم الاستقرار والتنمية المستدامة.

محاور استراتيجية لبناء السلام

ويرتكز هذا الموقف المشترك على تقوية أركان هيكل بناء السلام الأممي، بما يشمل لجنة بناء السلام، وصندوق دعم عمليات السلام، ومكتب الدعم التقني. كما يؤكد على أهمية تبني مقاربة شمولية تربط بين السلام والأمن والتنمية، وهو المبدأ الذي لطالما دافعت عنه المملكة المغربية، لا سيما في مؤتمر طنجة 2022 الذي شكل محطة محورية في هذا السياق.

مقاربة مغربية شاملة تربط الأمن بالتنمية

وفي كلمته خلال الاجتماع، أبرز محمد عروشي، السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا، أهمية إدماج القضايا المستجدة في إطار النقاش الدولي حول بناء السلام، مثل التغير المناخي، وتطورات الذكاء الاصطناعي، وبناء القدرات البشرية، مؤكدا أن هذه المحاور أصبحت من ركائز الأمن القاري والدولي.

ومن جهته، عبر السفير بانكولي أديوي، مفوض السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي، عن امتنانه العميق للمملكة المغربية على قيادتها النموذجية لهذا الملف، مؤكدا أن هذا التوافق يعكس إرادة سياسية جماعية لإفريقيا للتحدث بصوت واحد في قضايا السلم والأمن العالمية.

المغرب في موقع متقدم داخل منظومة الأمم المتحدة

ويذكر أن المملكة المغربية تشغل حاليا منصب نائب رئيس لجنة بناء السلام التابعة للأمم المتحدة، ما يكرس دورها المركزي في هندسة السياسات الأممية في هذا المجال، وتيسير التنسيق بين الاتحاد الإفريقي والمنظمة الأممية.

ويرتقب أن يشكل هذا الموقف المشترك أساسا صلبا للمجموعة الإفريقية في نيويورك عند بدء مسار التفاوض حول القرار الأممي المرتبط بهيكل بناء السلام، ما سيعزز حضور إفريقيا كمكون فاعل في صياغة ملامح النظام الدولي الجديد.