المغرب ينادي بسيادة صحية إفريقية قائمة على الرؤية الملكية
يدعو من الرباط إلى نموذج تنموي إفريقي يعزز السيادة الصحية والرأسمال البشري

شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، اليوم الثلاثاء 8 أبريل الجاري، تنظيم الدورة الثالثة من فعاليات “الأيام الإفريقية للاستثمار والتشغيل”، التي تحولت إلى منصة إفريقية مفتوحة للنقاش حول تحديات التنمية المستدامة وتعزيز السيادة الصحية بالقارة، بمشاركة وزراء ومسؤولين وخبراء من دول إفريقية.
صابري وآيت الطالب يرافعان من أجل نموذج تنموي جديد
وفي مداخلته، أبرز هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل، أن إفريقيا أمام فرصة تاريخية لتطوير نموذج اقتصادي متكامل ومستدام، يتمحور حول الاستثمار في الرأسمال البشري والشباب. ودعا إلى تطوير الصحة الرقمية كمجال واعد لخلق فرص عمل جديدة تتلاءم مع تطلعات الشباب الإفريقي، من قبيل تحليل البيانات الصحية، وتطوير تطبيقات الرعاية عن بعد، وابتكار حلول الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي.
وشدد صابري على ضرورة توسيع التكوين الجامعي والمهني في مجالات الصحة والتكنولوجيا، مبرزا أن التمكين الاقتصادي يبدأ من التعليم، وينتهي بريادة الأعمال والابتكار، خاصة من خلال حاضنات جهوية مبتكرة.
واستحضر كاتب الدولة الرؤية الملكية للملك محمد السادس، مؤكدا أن شعار “إفريقيا تثق في إفريقيا”، الذي جاء في خطاب أبيدجان سنة 2016، أصبح قاعدة تنموية ملموسة تتجسد اليوم في الشراكات الإفريقية المتصاعدة.
خالد آيت الطالب: السيادة الصحية مشروع جماعي قاري
من جانبه، شدد البروفيسور خالد آيت الطالب، وزير الصحة السابق، على أن القارة الإفريقية تمر بمرحلة تحول صحي عميق، ولكنها ما زالت تعاني من تشتت الجهود وغياب التنسيق الكافي بين دولها، ما يضعف قدرتها على بناء منظومة صحية متجانسة. وأكد أن الدروس التي خلفتها جائحة كوفيد-19 كشفت هشاشة الأنظمة الصحية، حتى لدى الدول المتقدمة.
وأشار آيت الطالب إلى أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، أرسى منذ بداية الجائحة نموذجا فعالا في إدارة الأزمات، عبر لجنة عليا لليقظة الاقتصادية، وصندوق خاص للتضامن، مما مكّنه من التحكم في الوضع بسرعة ونجاعة.
دعوة للاستثمار في الوقاية والبحث العلمي
وأبرز الوزير السابق أن بناء سيادة صحية لا يقتصر على تطوير البنيات التحتية فقط، بل يستوجب تعزيز الوقاية الصحية، مشيرا إلى أن كل درهم يستثمر في الوقاية يوفر عشرة دراهم في العلاج. كما دعا إلى تحسين ظروف مهنيي الصحة، وتثمين كفاءاتهم، لتحفيزهم على البقاء داخل القارة بدل الهجرة نحو الخارج.
كما تطرق آيت الطالب إلى التحول الذي يشهده الطب العالمي، بالانتقال من نماذج العلاج إلى الطب التنبؤي والشخصي، القائم على تحليل المورثات والبيانات البيولوجية، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة في البحث والتطوير والذكاء الاصطناعي.
وانتقد وزير الصحة السابق ضعف الإنفاق الإفريقي على البحث العلمي، داعيا إلى تشجيع التصنيع المحلي للقاحات، في ظل توفر الإمكانيات البشرية والطبيعية، مع ضرورة تعزيز التعاون والتكامل بين الدول الثمانية القادرة على التصنيع، لتأمين الاكتفاء القاري.
نحو خارطة طريق مشتركة
وفي ختام كلمته، دعا خالد آيت الطالب إلى ترجمة توصيات هذا اللقاء إلى سياسات عملية وقرارات قابلة للتنفيذ، تعرض على صناع القرار بالقارة، في أفق بناء منظومة صحية إفريقية عادلة، مستقلة، ومتضامنة، تراعي خصوصيات القارة وتطلعات شعوبها، وتضع الشباب في قلب التنمية الشاملة.
ويأتي هذا اللقاء في سياق دينامية إقليمية متصاعدة تهدف إلى تقوية الشراكة جنوب-جنوب، وتفعيل الرؤية الملكية الرامية إلى تمكين إفريقيا من لعب أدوارها كفاعل رئيسي في النظام الدولي الجديد.
تعليقات 0