كشف تقرير صادر عن المكتب دون الإقليمي لشمال إفريقيا التابع للجنة الاقتصادية لإفريقيا بالأمم المتحدة، عن أرقام قياسية حققتها تحويلات مغاربة المهجر، التي بلغت في 2023 حوالي 11.8 مليار دولار، أي ما يعادل 8.6% من الناتج الداخلي الخام، مسجلة نموا بنسبة 5.2% مقارنة بالعام السابق.

مورد مالي ضخم دون استثمار منتج

ويتوقع بنك المغرب أن ترتفع هذه التحويلات إلى 12 مليار دولار بحلول 2025، مما يعزز مكانتها كمصدر استراتيجي للعملة الصعبة، خصوصا في ظل الأزمات الاقتصادية الدولية. غير أن التقرير الأممي نبه إلى أن هذه الأموال تستهلك في الغالب على النفقات اليومية وشراء العقارات، مع غياب شبه تام لتوجيهها نحو مشاريع إنتاجية تساهم في التنمية المستدامة.

ورغم إطلاق بعض المؤسسات البنكية مبادرات لتسهيل المعاملات المالية للجالية، من خلال تخفيض رسوم التحويل وتقديم خدمات رقمية، إلا أن التقرير اعتبر أن المغرب لا يزال يفتقر إلى استراتيجية وطنية واضحة تمكن من توجيه هذه الموارد نحو استثمارات فعلية ذات أثر اقتصادي ملموس.

مشاريع حكومية قيد الدراسة

وأمام هذا الوضع، أعلنت الحكومة عن إعداد استراتيجية وطنية جديدة لتحفيز أفراد الجالية على استثمار أموالهم داخل الوطن، تتضمن تبسيط المساطر الإدارية، تقديم حوافز ضريبية، وتسهيل إجراءات التحويلات البنكية عبر القنصليات. ومع ذلك، يؤكد خبراء أن مدى نجاح هذه الخطط سيظل رهينا بسرعة التنفيذ وجودته ومدى مواكبتها لتطلعات الجالية بالخارج.

توجيه الأموال نحو قطاعات استراتيجية

وفي هذا الصدد، يرى خبراء في الاقتصاد، أن تحويلات الجالية تمثل فرصة ذهبية لدفع عجلة التنمية، خصوصا إذا تم توجيهها نحو قطاعات إنتاجية كالفلاحة، والصناعة، والطاقة المتجددة، وأن المشكل الحقيقي يكمن في ضعف الثقة في البيئة الاستثمارية، ما يجعل أغلب المغاربة يفضلون توجيه أموالهم نحو استثمارات سريعة العائد كالعقار.

من مورد استهلاكي إلى رافعة تنموية

ويرى محللون أن تحويلات مغاربة المهجر، التي تشكل رافدا ماليا ثابتا منذ ستينيات القرن الماضي، ينبغي أن تتحول من مجرد مورد استهلاكي إلى قاطرة استثمارية حقيقية، تساهم في خلق فرص شغل وتطوير الاقتصاد الوطني بشكل مستدام.