أثارت صفقة عمومية أبرمتها الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية بعد فوز شركة صغيرة برأسمال لا يتجاوز عشرة آلاف درهم (أي مليون سنتيم) بصفقة بقيمة 466 مليون سنتيم. الصفقة، التي أعلن عنها في طلب عروض مفتوح رقم 03/ANSS/2025 عبر البوابة الرسمية، رست على شركة “إنستيليو المغرب” من أجل تقديم خدمة تحسين كفاءة وتوطين إدارة المساعدات الاجتماعية المباشرة.

فارق مالي ضئيل بين المتنافسين

وبلغت القيمة النهائية للعقد 4,661,600.40 درهم، وهو مبلغ اعتبره العديد من المشاركين في الصفقة غير متناسب مع حجم وإمكانيات الشركة الفائزة. وأعرب مقصيون من المنافسة عن استغرابهم من قدرة شركة بهذا الحجم على تنفيذ مشروع بهذا التعقيد، خاصة أن بياناتها المسجلة على منصة “شاركا” تشير إلى رأس مال لا يتجاوز المليون سنتيم.

تبريرات الوكالة لم تقنع المنافسين

وفي محاولة لامتصاص غضب المتنافسين، أكدت الوكالة أن عرض “إنستيليو المغرب” تفوق من حيث المردودية الاقتصادية، معتبرة أن السعر الذي تقدمت به أفضل من باقي العروض. لكن مصادر مطلعة كشفت أن الفارق بين العروض كان محدودا للغاية، إذ إن شركة “إنيتوم كونسولتينغ المغرب” مثلا تقدمت بعرض مالي بلغ 4,560,000 درهم، فيما ظلت عروض الشركات الأخرى قريبة من هذا الرقم.

غياب الشفافية حول المعايير الفنية

وأفادت المصادر ذاتها أن معظم الشركات المقصية لم تقتنع بتبريرات الوكالة، خصوصا في ظل غياب تفاصيل واضحة ودقيقة عن المعايير الفنية التي رجحت كفة “إنستيليو المغرب” وأقصت البقية. وتنتظر هذه الشركات إفادات رسمية أو نشر تقرير يوضح حيثيات التقييم، تفاديًا لشبهات التلاعب أو غياب الشفافية في تدبير الصفقات العمومية.

دعوات لمراجعة معايير منح الصفقات

وتأتي هذه القضية في سياق متزايد من الدعوات إلى مراجعة معايير منح الصفقات العمومية في المغرب، لضمان الشفافية والعدالة والمنافسة الحقيقية بين الشركات، خصوصًا في القطاعات الحساسة المرتبطة بتدبير الشأن الاجتماعي والخدمات المباشرة للمواطنين.