مركز اجتماعي يرمي مختلين عقليا في شوارع البيضاء
مصادر تؤكد نقل نزلاء في ظروف غير إنسانية وسط صمت الوزارة وتخوفات من الخطر العام

في وقت ما تزال فيه الصدمة تسيطر على الرأي العام إثر الجريمة البشعة التي وقعت مؤخرا بمدينة ابن أحمد، برزت إلى السطح واقعة جديدة لا تقل فظاعة من حيث تبعاتها، تتمثل في إقدام مركز اجتماعي بجهة الدار البيضاء – سطات على التخلص من عدد كبير من المختلين عقليا، عبر توزيعهم في محيط الجماعات القروية المتاخمة للعاصمة الاقتصادية، دون أي مراعاة لظروفهم أو لسلامة السكان.
ووفق معطيات حصلت عليها جريدة “آش نيوز” من مصادر ميدانية، فقد تم خلال هذا الأسبوع رصد سيارة بيضاء كبيرة الحجم تتوقف في عدد من الجماعات المحيطة بالدار البيضاء، حيث يقوم سائقها ومرافقه بترك الباب الخلفي مفتوحا عمدا بعد التظاهر بالذهاب لاقتناء طعام أو مشروب، ما يسمح للمختلين عقليا الذين تقلهم المركبة بالنزول والتجول بحرية في وجهة غير محددة.
وتؤكد المصادر ذاتها أن الأمر لا يتعلق بحالة معزولة، بل بعملية ممنهجة جرى تنفيذها في أكثر من نقطة، بحيث حصلت كل جماعة على ما يشبه “نصيبا” من هؤلاء النزلاء الذين كانوا يفترض أن يكونوا تحت رعاية المؤسسة الاجتماعية المعنية.
تبريرات غير مقبولة وسلوك غير إنساني
وتروج تفسيرات غير رسمية لهذه الممارسة الصادمة، تفيد بأن المركز يعاني من اكتظاظ كبير يفوق طاقته الاستيعابية، إلى جانب ضائقة مالية تحول دون قدرته على تغذية المرضى وتوفير الرعاية الطبية والأدوية لهم، ما دفع بإدارته، على ما يبدو، إلى التخلص من عبء هذه الفئة الضعيفة بطريقة لا تليق بأي مؤسسة ترعاها الدولة.
واعتبرت مصادر حقوقية تحدثت للجريدة أن ما جرى يعد خرقا خطيرا لحقوق الإنسان وتهديدا مباشرا للأمن العام، محملة وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة كامل المسؤولية عن ما وصفته بـ”تصرف غير مسؤول” قد يؤدي إلى وقائع خطيرة على أرض الواقع، سواء من حيث تعريض المرضى أنفسهم للخطر أو تهديد سلامة السكان في تلك المناطق.
وأشارت المصادر إلى أن المختلين عقليا في حالات غير مراقبة قد يشكلون خطرا حقيقيا بسبب اضطراباتهم النفسية، ما يتطلب تدخلا عاجلا من السلطات المختصة لإعادة هؤلاء إلى أماكن الرعاية المناسبة، ومحاسبة كل المتورطين في هذه الممارسات اللاإنسانية.
نداء للمجتمع والمؤسسات لحماية كرامة الإنسان
وتطرح الحادثة من جديد سؤالا كبيرا حول مصير الأشخاص في وضعية هشاشة عقلية ونفسية في المغرب، وغياب السياسات العمومية الناجعة التي تضمن التكفل بهم بشكل إنساني ومستدام، بعيدا عن منطق الإهمال والإقصاء. وهي مناسبة أيضا لدق ناقوس الخطر بشأن هشاشة المراكز الاجتماعية، وضرورة إعادة النظر في طرق تدبيرها وتمويلها ووظائفها المجتمعية.
تعليقات 0