خلدت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، اليوم الأحد، الذكرى العشرين لإعطاء انطلاقتها من قبل الملك محمد السادس في 18 ماي 2005، وذلك تحت شعار: “20 سنة في خدمة التنمية البشرية”. هذا الاحتفاء لا يرمز فقط إلى مرور عقدين من الزمن على إطلاق الورش، بل يمثل محطة للتأمل في التحولات العميقة التي بصمت المشهد التنموي بالمملكة منذ تبني هذه المبادرة الرائدة.

وبحسب بلاغ رسمي صادر عن المبادرة، فإن هذه الذكرى تشكل فرصة لاستحضار الرؤية الاستباقية للملك محمد السادس، الذي أراد من خلال هذا المشروع الاستراتيجي تعزيز كرامة المواطن، وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وتحقيق اندماج مجتمعي حقيقي يرتكز على قيم المواطنة الفاعلة.

مسار ثلاثي.. من البنيات إلى الرأسمال اللامادي

وتمت ترجمة هذه الرؤية إلى ثلاث مراحل مركزية. في البداية، ركزت المرحلة الأولى (2005–2010) على محاربة الفقر والهشاشة، وتيسير الولوج إلى البنيات الأساسية والخدمات الاجتماعية في المناطق المعزولة. ثم توسعت المرحلة الثانية (2011–2018) لتشمل شرائح جديدة ومجالات أوسع. أما المرحلة الثالثة، فقد أعادت توجيه الجهود نحو تنمية الرأسمال البشري، من خلال دعم التعليم، وتقوية ريادة الأعمال لدى الشباب، والاهتمام بالطفولة المبكرة.

وسجل البلاغ أن المبادرة لم تكتف بتنفيذ البرامج الكلاسيكية، بل أرست مشاريع رائدة، منها تعميم التعليم الأولي المجاني في الوسط القروي، وتبني مقاربات تعليمية مثل TaRL لمعالجة تأخر التعلمات، إضافة إلى إطلاق منصات للشباب وخدمات التوجيه والتكوين والتمويل المبني على النتائج.

حكامة ترابية تشاركية وشفافة

واعتبرت المبادرة الوطنية أن من بين أسباب نجاحها اعتمادها نموذج حكامة لا ممركز يضم أكثر من 15 ألف عضو يمثلون مختلف الفاعلين، من سلطات ومجتمع مدني ومصالح لا ممركزة، مع الحرص على تمثيلية فعالة للنساء والشباب، مما عزز من جدية المشاريع وفعاليتها على مستوى الأقاليم والجهات.

وقد ساهم تراكم التجربة المغربية في جعل المبادرة مرجعا دوليا في مجال الهندسة الاجتماعية، حيث نسجت شراكات تعاون مع مؤسسات دولية، وتمكنت من تعبئة خبرات عالمية، وهو ما عزز إشعاعها داخل إفريقيا والعالم العربي كمثال على ورش تنموي وطني ناجح.

تعبئة مستمرة من أجل مستقبل واعد

وجددت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في ختام احتفائها بهذه المناسبة، التزامها القوي بمواصلة تفعيل هذا الورش الملكي بما ينسجم مع التوجيهات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد، ويعكس الرؤية الملكية الطموحة نحو مغرب أكثر عدالة وتماسكا، ومواطن أكثر كرامة واندماجا في قلب التنمية.