الجزائر أمام حكم ثنائي.. بوعلام وشنقريحة يمسكان بخيوط السلطة
تقرير فرنسي يكشف تحول تبون إلى واجهة وصعود الثنائي البيروقراطي-العسكري

في تقرير صادم نشره موقع “ساحل إنتليجنس” الفرنسي، أثيرت تساؤلات جدية حول من يدير فعليا دفة الحكم في الجزائر، في ظل ما وصفه التقرير بـ”تآكل السلطة الرئاسية” وتحول الرئيس عبد المجيد تبون إلى مجرد واجهة شكلية، بينما تتصدر شخصيتان نافذتان المشهد السياسي والأمني، هما مدير ديوانه بوعلام بوعلام، ورئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة.
وبحسب مصادر مطلعة نقل عنها التقرير، فإن تبون، رغم كونه الرئيس الرسمي، أصبح بعيدا عن إدارة شؤون الدولة اليومية، حيث يتولى الثنائي بوعلام وشنقريحة صياغة السياسات الكبرى، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني. ووصف أحد مستشاري الرئاسة هذا الوضع بأنه “إدارة من خلف الستار”، مشيرا إلى أن الرئيس يكتفي بالموافقة على ما يعرض عليه من قرارات، بينما الصياغة الفعلية تأتي من الرجلين النافذين.
بوعلام: البيروقراطي القوي في الرئاسة
ويوصف بوعلام بوعلام، مدير ديوان الرئاسة، بأنه الرجل الهادئ في العلن، لكنه يتمتع بنفوذ هائل داخل مؤسسات الدولة. خبير إداري بارع، وصاحب شبكة ولاءات واسعة، يتحكم في التعيينات الحساسة ويوجه السياسات الإعلامية والاجتماعية والاقتصادية للنظام. ويعتبر “الوصي الإداري” على الرئاسة في ظل غياب رقابة فعلية توازن تأثيره المتزايد.
شنقريحة: القائد العسكري وصانع القرار السياسي
أما الفريق السعيد شنقريحة، فقد تخطى مهامه العسكرية ليصبح لاعبا رئيسيا في السياسة الخارجية والأمن الداخلي. ووفقا للتقرير، يتفاوض شنقريحة بشأن الاتفاقيات الأمنية مع القوى الأجنبية، ويتحكم في تعيينات الأجهزة الأمنية، ويعد المرجع الأول في المسائل الدفاعية. ويبدو أن الرئيس تبون يخضع بالكامل لتوجيهاته.
وأشار التقرير إلى تصاعد القلق داخل الطبقة السياسية والمجتمع المدني الجزائري من هذا الانفراد المزدوج بالسلطة، وسط غياب لمؤسسات رقابية فعالة أو توازن بين السلطات. ووصفت الحالة بـ”الاحتجاز المؤسسي”، حيث تدار الدولة وفق أوامر فوقية، في غياب الشفافية والمحاسبة.
أما على الصعيد الدولي، فإن شركاء الجزائر التقليديين باتوا في حيرة من أمرهم. فقد نقل التقرير عن دبلوماسيين أوروبيين في الجزائر قولهم: “لم نعد نعرف من يتحدث باسم الدولة الجزائرية: هل هو الرئيس؟ مدير ديوانه؟ قائد الجيش؟ أم الإعلام الرسمي؟” هذا الغموض، بحسب المصادر ذاتها، يضعف مصداقية الجزائر في المحافل الدولية، ويربك علاقاتها الثنائية مع الاتحاد الأوروبي وفرنسا.
هل الجزائر أمام حكم ثنائي فعلي؟
وفي ضوء هذه المعطيات، يتساءل مراقبون: هل ما زالت الجزائر جمهورية رئاسية، أم أنها دخلت مرحلة “الحكم الثنائي” غير المعلن؟ الواضح، بحسب التقرير، أن الرئيس تبون تراجع فعليا عن دوره كقائد سياسي فاعل، لصالح تحالف بيروقراطي-عسكري يدير البلاد بمنطق مركزي مغلق، يفتقر للشفافية والمشاركة الشعبية.
وخلص التقرير إلى أن استمرار هذه المعادلة قد يدفع الجزائر نحو مرحلة أكثر استبدادية وغموضا، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إصلاح سياسي حقيقي يعيد توزيع السلطة ويضمن استقلالية المؤسسات.


تعليقات 0