في ظل تزايد القلق بشأن الاستخدام المفرط لأجهزة الهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي بين الشباب، بدأت العديد من الدول الأوروبية باتخاذ إجراءات لحظر أو تقييد استخدام الهواتف في المدارس، نظرا لتداعياته السلبية على الصحة العقلية والأداء الأكاديمي.

وأبرزت دراسات حديثة صلة بين الإفراط في استخدام الهواتف الذكية وتراجع الصحة العقلية للأطفال والشباب، ما دفع منظمات مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى التوصية بتقييد استخدام الهواتف المحمولة في المدارس. وأكدت الدراسة على أهمية استخدام الهواتف بمسؤولية لضمان عدم تأثيرها على التعليم.

رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أكدت عقب إعادة انتخابها أنها ستعمل على معالجة مشكلة إدمان وسائل التواصل الاجتماعي والتنمر الإلكتروني، قائلة: “سنقوم بإجراء أول تحقيق على مستوى أوروبا حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على سلامة الشباب”. جاء ذلك في ظل تزايد التقارير التي تشير إلى أزمة متنامية في الصحة العقلية.

ورغم هذا الوعي المتزايد بالمشكلة، لا توجد قواعد موحدة على مستوى الاتحاد الأوروبي لتنظيم استخدام الهواتف المحمولة في المدارس، حيث تختلف السياسات من دولة لأخرى. بعض الدول الأوروبية، مثل هولندا وفرنسا، قد شرعت في تطبيق حظر كامل أو جزئي لاستخدام الهواتف في المدارس، في حين تبحث دول أخرى في اتخاذ تدابير مماثلة.

في فرنسا، تم تطبيق خطة تجريبية تُعرف باسم “توقف رقمي مؤقت”، والتي تطالب الطلاب بتسليم هواتفهم عند دخول المدرسة، في تجربة تشمل 180 مدرسة متوسطة. وفي بلجيكا، تم حظر الهواتف المحمولة في مئات المدارس الفرنسية بالعاصمة بروكسل وفي منطقة والونيا.

إيطاليا اتخذت خطوة مماثلة، حيث تم حظر استخدام الهواتف المحمولة داخل الفصول الدراسية اعتبارا من العام الدراسي الحالي، بينما تترك سلوفينيا القرار لكل مدرسة. كذلك في كرواتيا، بدأت بعض المدارس بحظر الهواتف بشكل كامل رغم غياب قوانين موحدة.

أما ألمانيا، فتشهد تصاعدًا في الدعوات لحظر الهواتف في المدارس بعد تراجع أداء الطلاب في دراسة البرنامج الدولي لتقييم الطلاب (PISA) لعام 2022، ما دفع بعض الولايات إلى النظر في سن قواعد أكثر صرامة بشأن استخدام الهواتف.

تتجه أوروبا بشكل متزايد نحو الحد من التأثير السلبي للتكنولوجيا على الصحة العقلية والتعليم، عبر تنظيم استخدام الهواتف المحمولة في المدارس، مع اعتماد سياسات مختلفة حسب كل دولة وإقليم.