آش نيوز - الخبر على مدار الساعة - اخبار المغرب وأخبار مغربية

H-NEWS آش نيوز
آش نيوز TV20 مارس 2025 - 09:18

الاسترزاق باسم الصحافة وفوضى الأدسنس

نورا الفواري 2

تحولت صاحبة الجلالة ببلادنا، من مهنة نبيلة لها أصول وأخلاقيات وقواعد، يجب أن يقام لها ويقعد، إلى مجال للكذب والإشاعة والتضليل والابتزاز، وأصبح كل “الفيسبوكيين” و”اليوتوبرز” اليوم، صحافيين ومناضلين ومحاربين للفساد، رغم أن عددا منهم يجسدون الفساد بعينه، ويمتهنون النصب والاحتيال، مباشرة على قنواتهم، وبدون حسيب ولا رقيب، يطلقون الاتهامات الخطيرة على عواهنها، ويمسون بشرف الناس وعرضهم، ولا من يوقفهم عند حدهم.

لقد أصبحت ظاهرة “اليوتوبرز”، الذين تحولوا دون سابق إنذار أو علم، إلى صحافيين، تستغل الصحافة أبشع استغلال، وتسترزق باسمها، دون أن تبالي بمصداقية أو قدسية الخبر. شعارها الوحيد “الغاية تبرر الوسيلة”، وهدفها الأسمى “فلوس الأدسنس”، التي من أجلها تباع الذمم والضمائر لمن يدفع أكثر، حتى ولو كان ذلك على حساب اتهام الأبرياء وتشويه سمعة رب عمل أو منافس سياسي أو خصم.

ولأن هذه الكائنات اليوتوبية، بميكروفوناتها التي تنز حقدا وكذبا وبهتانا، تستفيد من زيرو عقاب، فقد انتعشت تجارتها ببلادنا بشكل أساء للممارسة الصحافية النزيهة والنبيلة، التي تحكمها قوانين وخطوط حمراء عديدة، بل أصبحت هذه الكائنات تدعي أنها أكثر مهنية، وتلبس لبوس الأبطال الخارقين، الذين يضحون بحياتهم من أجل كشف الحقائق للمتابعين، في حين أنهم يروجون الإشاعات والأخبار الزائفة، و”السكوب” الوحيد الذي يجرون وراءه، هو الأموال التي تدخل حساباتهم البنكية شهريا، سواء من مداخيل المشاهدات التي تبنى على الكذب والدراما، أو ممن يدعمونهم في الخفاء من مسؤولين وسياسيين ورجال أعمال، يستعملونهم في محاربة خصومهم وتلفيق التهم والأباطيل لهم، في معركة غير متكافئة، لأنها مبنية على الضرب من “تحت الدف”.

والمشكل الأكبر، أن بعض الفاعلين السياسيين، الذين ينتظر منهم تخليق الحياة العامة، والرقي بالممارسة السياسية، أصبحوا يلجؤون إلى هؤلاء النصابين الذين يرتدون جلباب الصحافي، من أجل تصريف أحقادهم والتشهير بمنافسيهم بهتانا، ناسين أن في إضعاف هذا المنافس السياسي أو المسؤول الحكومي أو الوزير، إضعاف لقطاعات حيوية بأكملها، بل إضعاف للممارسة الديمقراطية بأكملها في البلاد، التي تبقى هي الخاسر الأكبر.

السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح وسط هذه الفوضى غير الخلاقة، هو أين وزير الاتصال أو التواصل، الوصي على القطاع، ولماذا لا يتحمل مسؤوليته لإنهاء هذه المهازل ووضع حد لهؤلاء المرتزقة الذين يسيئون إلى سمعة بلادنا، ويروجون للأخبار الكاذبة ب”سنطيحة” كبيرة؟ وأين المجلس الوطني للصحافة من أشباه الصحافيين ومن الطفيليات الرقمية التي تقتات على الإشاعة والتضليل؟ إنه اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى، بتفعيل دور لجنة الأخلاقيات والعمل على تطهير المهنة وتنقيتها من “البارازيت”، بدل مراقبة الوضع في صمت والاكتفاء بدور المتفرج. ليست مهنة المتاعب وحدها في خطر. إن الديمقراطية نفسها في بلادنا أصبحت مهددة. فهل من بينكم “رجل” يتصدى لهذا التيار اللا مهني الأفاك، الذي يزداد تمددا يوما بعد الآخر؟

صحافة

Achnews

مجانى
عرض