تعيش جبهة البوليساريو الانفصالية مرحلة حرجة من تاريخها، في ظل تحولات إقليمية ودولية عميقة أفقدتها أي “شرعية” شعبية أو دبلوماسية. من مخيمات تندوف التي تحولت إلى معتقل مفتوح، إلى منابر دولية أغلقت أبوابها في وجه أطروحاتها المتجاوزة، تواجه الجبهة تآكلا داخليا واضحا وغيابا كليا لأي مشروع تنموي حقيقي.

انهيار دبلوماسي متواصل

وخسرت الجبهة الانفصالية دعم عدد كبير من الدول، إذ أعلنت أكثر من 19 دولة أوروبية دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية تحت السيادة الوطنية. أما باقي القوى الدولية، فتفادت حتى مجرد استقبال ممثلي البوليساريو، فيما تدفع الأمم المتحدة نحو حل سياسي واقعي، جاد وذو مصداقية، في إشارة واضحة إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي.

الجزائر في مأزق الدعم الخاسر

وتجد الجزائر، الراعي الرئيسي للجبهة، نفسها أمام ضغط داخلي متزايد، حيث بات الدعم المالي والإعلامي والعسكري الموجه للبوليساريو عبئا على نظام يعاني من ارتباك داخلي متنام وأزمة ثقة مع شعبه. وتظهر التحولات السياسية أن البوليساريو لم تعد سوى ورقة ضغط خاسرة، كلفت الشعب الجزائري أكثر مما جنت من مكاسب سياسية.

الواقع الصحراوي المغربي يفند الادعاءات

في مقابل ذلك، تعيش الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية نهضة تنموية غير مسبوقة، تشمل مشاريع بنى تحتية وموانئ حديثة وجامعات ومناطق صناعية متطورة. هذا الواقع الملموس يتناقض كليا مع الخطاب الإعلامي للجبهة، الذي لا يعدو أن يكون تكرارا لخطاب متجاوز يعود لعقود مضت.

ومع توالي الانهيارات وتراجع التأييد، أصبح من الواضح أن جبهة البوليساريو تلفظ أنفاسها الأخيرة. ورغم محاولات الإنعاش الإعلامي من طرف الجزائر، فإن الزمن السياسي والميداني لم يعد في صالح الانفصال، لتتحول الجبهة إلى كيان يعيش خارج الزمن والواقع.