آش نيوز - الخبر على مدار الساعة - اخبار المغرب وأخبار مغربية

H-NEWS آش نيوز
آش نيوز TV17 مايو 2025 - 13:44

إعادة انتخاب بنكيران.. تعبير عن عمق أزمة البيجيدي

الحزب الإسلامي الذي تربع لعقد من الزمن على رأس الحكومة لم يتمكن من التخلص من زعيمه "الأبدي" الذي يهيمن على القرار السياسي داخله

فوز بنكيران

كما كان متوقعا، أعاد حزب العدالة والتنمية انتخاب أمينه العام وزعيمه “الأبدي” عبد الإله بنكيران، الذي حصل على 974 صوتا، فيما حل إدريس الأزمي ثانيا، بمجموع 374 صوتا، وجاء عبد الله بوانو ثالثا ب 42 صوتا، في ظل مقاطعة واسعة من أبرز قياديي الحزب الإسلامي لأشغال مؤتمره التاسع، المنعقد أمس (السبت) واليوم (الأحد) بمدينة بوزنيقة، بكل ما تحيل عليه هذه المقاطعة من رسائل سياسية قوية، لكل “من يعنيهم الأمر”.

إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران لقيادة حزب العدالة والتنمية في مؤتمره التاسع لا يمكن فصلها عن الصراعات والتجاذبات الحادة التي تعيشها هذه الهيئة السياسية منذ عدة سنوات. فالحزب الذي تربع لعقد من الزمن تقريبا على رأس الحكومة، بات اليوم يواجه مع زعيمه التاريخي، انقسامات حادة وتحديات كبيرة، عمقتها شخصية زعيمه الجدلية التي تجمع بين الجاذبية السياسية والحدة في المواجهة.

بنكيران والقيادات التاريخية.. صراع لم ينته بعد

ويشكل عبد الإله بنكيران حالة سياسية استثنائية داخل الحزب وخارجه. فرغم الشعبية التي يتمتع بها بين قواعد الحزب، ما زالت بعض القيادات التاريخية تعبر عن انزعاجها من أسلوبه في إدارة الحزب ومن هيمنته على القرار السياسي داخله. الخلاف ليس وليد المؤتمر التاسع فقط، بل يعود لسنوات عديدة عندما تم إعفاؤه من رئاسة الحكومة في 2017، الحدث الذي خلف داخل الحزب شرخا عميقا، ما زالت آثاره مستمرة إلى اليوم.

وانسحاب أسماء مثل عبد العزيز العماري وجامع المعتصم وعبد العالي حامي الدين من السباق، في اللحظات الأخيرة من المؤتمر، هو تعبير واضح عن محاولة لتجنب تفاقم المواجهة المباشرة مع بنكيران، وفي نفس الوقت محاولة من هذه الأسماء للتعبير عن رفضها الضمني للاستمرار تحت مظلة قيادته التي يتهمونها أحيانا بالتفرد بالقرار وعدم التشاور الكافي.

جناح الأزمي.. تيار التغيير في مواجهة “سطوة الزعيم”

إدريس الأزمي الإدريسي، الذي نافس بنكيران بشراسة، وحصل على أصوات تكاد تعادل ما حصل عليه بنكيران، يمثل تيارا داخل الحزب يسعى لتجديد الدماء، وإعادة بناء الحزب وفق رؤية مؤسساتية أكثر وضوحا، بعيدا عن “كاريزما” الزعيم الفرد التي مثلها بنكيران لسنوات. ويعكس تصويت حوالي نصف أعضاء المؤتمر تقريبا للأزمي أن الحزب منقسم عمليا بين تيار التغيير وتيار “الحنين للماضي” الذي يرى في بنكيران قائدا ضروريا لإعادة استعادة الهوية السياسية والشعبية الضائعة.

الصراع هنا ليس مجرد منافسة شخصية، بل هو تجاذب حقيقي بين من يريد إعادة هيكلة الحزب مؤسساتيا، وبين من يراهن على شخصية بنكيران لإعادة البناء، مستندا إلى ما يمتلكه من قدرات خطابية وتواصلية.

إشكالية بنكيران مع “التوافقات السياسية”

ومن أبرز الإشكالات التي عمقت الصراعات داخل الحزب، هي رؤية بنكيران لسياسة التحالفات والتوافقات، حيث يرى عدد من قياديي البيجيدي أن موقف بنكيران الحاد من بعض الأطراف السياسية، وخاصة حزب التجمع الوطني للأحرار وبعض أحزاب اليسار، ساهم في عزلة سياسية كبيرة للحزب، وأدى إلى تراجع شعبيته. في المقابل، يعتبر بنكيران أن التنازل المبالغ فيه عن المبادئ السياسية هو ما أوصل الحزب إلى حالته الحالية من التراجع الشعبي.

هذا التباين خلق صراعات عميقة تتجلى في مؤتمرات الحزب، وداخل جلسات المجلس الوطني، بين جناح يطالب ببراغماتية سياسية أكثر انفتاحا، وبين تيار بنكيران الذي يرى في الحفاظ على المواقف الصارمة ضمانا لهوية الحزب السياسية والشعبية.

رمزية غياب الرميد ومؤشرات الأزمة الصامتة

إعلان مصطفى الرميد، القيادي التاريخي ووزير العدل الأسبق، عن غيابه لأسباب صحية فقط وليس لخلاف مع بنكيران، يحمل في طياته دلالة سياسية مهمة. ويمثل الرميد أحد الوجوه التي حاولت دائما خلق توازن بين التيارات المتصارعة داخل الحزب. ابتعاده عن المؤتمر، حتى وإن كان لأسباب صحية، هو تعبير رمزي عن حالة من الإحباط أو اليأس من حل الأزمة التنظيمية والسياسية الداخلية، رغم إعلانه المستمر عن روابط الود والتقدير بينه وبين قيادات الحزب.

التحديات المستقبلية.. هل يتمكن بنكيران من إدارة الصراعات؟

عودة بنكيران إلى زعامة الحزب ليست نهاية الصراع بل بدايته، فهو مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالبحث عن صيغة توافقية تعيد التماسك والوحدة داخل الحزب. واستمرار الانقسامات الداخلية وتهميش تيارات أساسية قد يؤدي في المستقبل إلى نزيف داخلي أكبر، وربما إلى موجات جديدة من الاستقالات أو الانسحابات.

وما سيحدد نجاح بنكيران من فشله هو قدرته على إدارة هذه الصراعات بشكل احترافي وديمقراطي، وابتعاده عن أسلوبه التقليدي في حسم الخلافات الداخلية الذي يراه البعض استبداديا. أمامه فرصة للملمة الحزب وإعادة توحيده، لكن ذلك يتطلب منه تنازلات سياسية كبيرة لم يتعود بنكيران تقديمها بسهولة.

إعادة انتخاب بنكيران تعمق الأزمة والصراعات

إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران، لم تكن حدثا عاديا، بل تعبير واضح عن عمق الأزمة والصراعات التي يعيشها الحزب، ورهان على قدرة الزعيم التاريخي على تجاوزها. ويبقى السؤال مفتوحا، هل يستطيع بنكيران تغيير نهجه السياسي لإدارة الصراعات بشكل يسمح باستعادة الحزب لعافيته؟ أم أن عودته ستعمق الأزمة أكثر، وتسرع في تفاقم الصراعات الداخلية في المستقبل القريب؟

Achnews

مجانى
عرض