سيدي المخفي بفاس.. قبر غامض يثير جدلا بين الخرافة والتاريخ
مزار شعبي في قلب المدينة العتيقة يختزل قصصا وأساطير متوارثة

في قلب المدينة العتيقة لفاس، وبالقرب من باب بوجلود الشهير، يقف قبر غامض يعرف محليا باسم “سيدي المخفي“، محاط بجدل واسع بين السكان والزوار. القبر، الذي يحتل زاوية استراتيجية على طريق رئيسية، يحمل شاهدا كتب عليه: “هذا قبر المرحوم الولي الصالح ذو الهيبة المشهور سيدي المخفي”، دون أي إشارة إلى هويته أو تاريخ وفاته، ما عمق حالة الغموض التي تلفه.
روايات وأساطير محلية متضاربة
القصص المتداولة حول القبر متعددة، فمنها من تصفه بأنه مدفن لولي صالح معروف بالكرامات، ومنها من تعتبره قبرا عاديا لأحد أفراد عائلة قديمة كانت تمتلك الأرض، التي كانت سابقا مقبرة. واحدة من أكثر الحكايات إثارة هي تلك التي تحكي عن توقف مفاجئ لآليات الحفر عندما حاولت إزالة القبر، ما زاد من الاعتقاد بقدسيته في المخيال الشعبي.
مزار للنساء وانتقادات للسلوكيات الطقوسية
وتحول “سيدي المخفي” إلى مزار شعبي، خاصة للنساء اللاتي يتوجهن إليه حاملات الشموع والطلبات، في طقوس تتكرر بين الحين والآخر. هذه المشاهد تثير استياء بعض السكان الذين يعتبرونها مظاهر للخرافة والدجل، ويطالبون بترسيخ وعي ديني عقلاني يتناسب مع تطور المجتمع.
تعايش بين الرمزية الدينية والحاضر العمراني
وفي مشهد يعكس مزيجا بين الماضي والحاضر، أصبحت الأرض المحيطة بالقبر موقفا عصريا للسيارات، دون المساس بالقبر أو محاولة نقله. ويعكس هذا التعايش صعوبة الفصل بين الرمزية الروحية للمكان ومتطلبات التنمية العمرانية في مدينة ذات إرث تاريخي كبير كفاس.
جدل مستمر بين الذاكرة الجماعية والتحديث
ويبقى قبر “سيدي المخفي” شاهدا صامتا على موروث ديني وشعبي متشعب، يعكس العلاقة المعقدة التي تربط المجتمع المغربي بتراثه الغامض، وسط دعوات متواصلة للتوفيق بين احترام الرموز الموروثة والحفاظ على المعالم الحضرية المتجددة.
تعليقات 0