قانون جديد يغلظ عقوبات التدخين في المقاهي والأماكن العامة
غرامات تصل إلى 10 آلاف درهم وتشديد المسؤولية المدنية على المدخنين

تقدم فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب بمقترح قانون جديد يتكون من 16 فصلا، يهدف إلى فرض حظر شامل على التدخين في جميع الفضاءات العمومية المغلقة أو شبه المفتوحة، التي يرتادها المواطنون بشكل يومي، بما في ذلك الإدارات العمومية، المستشفيات، المدارس، المقاهي، الحانات، قاعات السينما، الفنادق، محطات الاستراحة، ومحطات توزيع الوقود ووسائل النقل العمومي.
ويرمي هذا المقترح إلى محاصرة ظاهرة التدخين والحد من آثارها الصحية والاقتصادية، عبر تشديد المراقبة، فرض غرامات مالية ثقيلة، وتوسيع المسؤوليات القانونية على المدخنين، في خطوة اعتبرها المراقبون نقلة تشريعية نوعية في اتجاه تعزيز الصحة العامة وحماية الفضاءات المشتركة.
تجريم شامل لاستهلاك كل أنواع التبغ
وبموجب هذا النص المقترح، سيشمل المنع جميع أنواع التبغ ومشتقاته، بما في ذلك السجائر التقليدية، السيجار، الشيشا، والسجائر الإلكترونية، كما يمنع بشكل تام أي شكل من أشكال الدعاية أو الترويج لمنتجات التبغ، سواء بالوسائل التقليدية أو الرقمية، ما يعكس إرادة واضحة في مكافحة ثقافة التدخين بكل صورها.
وفي المقابل، منح القانون هامشا محدودا للمدخنين عبر استثناء أماكن خاصة بالتدخين، على أن تكون هذه الفضاءات معزولة ومجهزة بأنظمة تهوية ملائمة، ويشترط أن تحترم معايير تقنية صارمة تحددها السلطات المختصة، وذلك في محاولة للتوفيق بين حماية غير المدخنين واحترام الحريات الفردية للمدخنين.
غرامات مشددة قد تصل إلى مليون سنتيم
ويفرض مقترح القانون غرامات مالية تبدأ من 500 درهم وتصل إلى 1000 درهم على كل من يضبط وهو يدخن في أماكن يمنع فيها التدخين بشكل صريح. وفي حالة تكرار المخالفة، ترفع الغرامة إلى 5000 درهم، بينما تصل إلى 10 آلاف درهم في حال قام المخالف بـالدعاية للتبغ أو حرض قاصرا على التدخين في أي فضاء عام أو خاص.
كما يعاقب القانون كل من يسهل أو يشجع قاصرا على استهلاك التبغ بغرامة قد تصل إلى 10 آلاف درهم، وهو ما يعكس مقاربة زجرية لحماية فئة الأطفال واليافعين من مخاطر الانخراط في هذه العادة الخطرة، التي تعد من أبرز أسباب الوفاة المبكرة والأمراض المزمنة.
لافتة منع التدخين.. إلزام قانوني وغرامة في حال الغياب
وينص المقترح كذلك على إلزام أصحاب المرافق العامة بتعليق لافتات واضحة تمنع التدخين، بحيث يعتبر غياب هذه اللافتات مخالفة قانونية تستوجب غرامة مالية على المسؤول عن الفضاء.
وفي سابقة تشريعية، يحمل القانون الجديد المدخن مسؤولية مدنية مباشرة عن الأضرار التي قد يتسبب فيها للغير، سواء أكانت أضرارا صحية، تجارية، أو معنوية، مع إلزامه بتعويض المتضرر بموجب دعوى مدنية، وهو ما يعزز مبدأ المحاسبة الفردية ويوسع دائرة الحماية القانونية للمواطنين.
توازن بين الحريات الفردية والصحة الجماعية
ويؤسس هذا المقترح لتوجه تشريعي يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين حرية الأفراد في التصرف، والحق الجماعي في بيئة سليمة ونظيفة، خصوصا في ظل ما تشهده الفضاءات العمومية من استهلاك مفرط للتبغ، خاصة في المقاهي والحانات.
ومن المنتظر أن يفتح هذا النص نقاشا موسعا داخل البرلمان وبين الفاعلين المدنيين حول سبل تنزيله ميدانيا، وحول مدى قدرة مختلف القطاعات المعنية على ضمان احترام مقتضياته وتنفيذ مضامينه بما يخدم الصحة العامة والكرامة الإنسانية.
تعليقات 0