لقي شاب في مقتبل العمر مصرعه، اليوم الأحد، بمدينة بني أنصار بإقليم الناظور، إثر سقوطه من شاحنة كان يحاول التسلل إليها خلسة قرب الميناء، في مسعى محفوف بالمخاطر للوصول إلى الضفة الأوروبية.

ووقع الحادث في منطقة محاذية للمعبر الحدودي المؤدي إلى مليلية المحتلة، حينما كان الشاب يحاول الصعود إلى شاحنة ضخمة متوجهة نحو المعبر. وأفاد شهود عيان أن الضحية فقد توازنه خلال عملية التسلل، ليسقط بشكل عنيف تحت عجلات الشاحنة، ويلقى حتفه على الفور في مشهد مأساوي خلف صدمة بين الحاضرين.

محاولات يائسة تتكرر يوميا

وكان الضحية من بين عشرات الشبان الذين يتخذون من محيط ميناءي الناظور وبني أنصار محطة انتظار دائمة، في ترقب متواصل لأي فرصة محتملة للعبور نحو أوروبا، عبر الاختباء بين البضائع أو أسفل الشاحنات. وتتحول هذه المحاولات، التي تُنفذ في الغالب تحت جنح الظلام، إلى مآسٍ متكررة تنتهي بإصابات خطيرة أو وفاة محققة.

ويعيد الحادث إلى الواجهة ملف الهجرة غير النظامية الذي يثقل كاهل المنطقة، خصوصا بني أنصار، التي تحولت إلى نقطة تمركز حاسمة لمئات الراغبين في الهجرة، بينهم قاصرون وشباب عاطلون، تقطعت بهم سبل العيش في الداخل المغربي، ودفعهم اليأس إلى خوض مغامرات مميتة.

ورغم المجهودات الأمنية المكثفة، وعمليات المراقبة اليومية التي تعرفها هذه المعابر، إلا أن الظاهرة لا تزال تتسع رقعتها، ما يكشف عن أزمة هيكلية عميقة تتجاوز الطوق الأمني، وتنبع من التهميش، وندرة الفرص، وغياب بدائل تنموية قادرة على احتواء طموحات هذه الفئة المهمشة.

أزمة إنسانية تستدعي حلولا شمولية

وفاة هذا الشاب، وما سبقها من حوادث مشابهة، تفرض على الجهات المعنية إعادة النظر في المقاربة المعتمدة، عبر بلورة سياسات اجتماعية واقتصادية شاملة، قادرة على استيعاب الشباب، وفتح آفاق جديدة لحياة كريمة داخل أرض الوطن، بدل تركهم فريسة للحلم الأوروبي الذي ينقلب في كثير من الأحيان إلى مأساة دامية.