عين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، رئيسا جديدا للحكومة، خلفا لفرانسوا بايرو الذي استقال بعد حجب الثقة عن حكومته. ويأتي هذا التعيين في وقت تمر فيه فرنسا بأزمة سياسية ومالية غير مسبوقة، تتقاطع مع أزمات خارجية أبرزها التوتر مع الجزائر.

موقف متشدد من الجزائر

وينظر إلى تولي لوكورنو المنصب على أنه خبر غير سار للجزائر، إذ سبق أن وصف قرارات النظام الجزائري بـ”الانحرافات” واتهمه باستغلال “كراهية فرنسا كريع سياسي”. كما دعا في تصريحات سابقة إلى إعادة تأسيس العلاقة الثنائية “دون ضعف أو سذاجة”، محذرا من أن استمرار التوتر يعيق التعاون في قضايا إقليمية، خصوصا مكافحة الإرهاب في الساحل.

وتعيش العلاقات الفرنسية الجزائرية منذ صيف 2024 حالة جمود غير مسبوقة، بعد إعلان باريس دعمها العلني لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء. هذا التحول الاستراتيجي فاقم التوتر السياسي، ودفع فرنسا إلى اتخاذ إجراءات عقابية تجاه الجزائر، مقابل توسيع تقاربها مع المغرب.

تحديات داخلية خانقة

إلى جانب الملفات الخارجية، يواجه لوكورنو تحديات داخلية كبرى، أبرزها الأزمة السياسية التي فجرها إسقاط مشروع ميزانية بايرو، والذي كان يستهدف تقليص الدين العام البالغ 114% من الناتج الداخلي الإجمالي. كما كلفه ماكرون بإجراء مشاورات مع مختلف الأحزاب للتوصل إلى اتفاقات قبل تشكيل الحكومة، غير أن الانقسامات الحادة بين اليمين واليسار واليمين المتطرف تجعل المهمة صعبة.

وفي الداخل، تتسع رقعة الغضب الشعبي مع إطلاق حملة احتجاجية جديدة تحت شعار “لنغلق كل شيء”، بدعم من النقابات واليسار الراديكالي. وقد نشرت وزارة الداخلية 80 ألف عنصر أمن لمواجهة المظاهرات التي شملت مدنا عدة، وسط توقعات باضطرابات في المطارات وتأجيلات في الرحلات الجوية، في مشهد يعيد إلى الأذهان حراك “السترات الصفراء”.

شعبية ماكرون في أدنى مستوياتها

وأظهرت استطلاعات الرأي تراجعا غير مسبوق في شعبية الرئيس ماكرون، حيث عبر 77% من الفرنسيين عن عدم رضاهم عن أدائه. وهو ما يجعل مهمة لوكورنو مزدوجة: استعادة الثقة الداخلية من جهة، وإدارة ملفات السياسة الخارجية المتوترة، خاصة مع الجزائر، من جهة أخرى.