أقامت دار الشعر بتطوان ليلة شعرية مميزة احتفاء بصدور الأعمال الشعرية للشاعر والكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، التي صدرت مؤخرا في ثلاثة مجلدات بترجمة الشاعر والمترجم المغربي خالد الريسوني. وشهدت هذه التظاهرة الثقافية التي نظمت الأسبوع الماضي، حضور شعراء من المغرب والأردن وفلسطين، إلى جانب قراءات شعرية باللغتين العربية والإسبانية، أضفت أجواء احتفالية جمعت بين عبق الماضي وروح الحداثة، بمرافقة عزف القيثار للفنان محمد الفزاري.
واستهل الباحث والجامعي المغربي زكرياء شارية، المتخصص في الآداب المكتوبة بالإسبانية، تقديم الأعمال الشعرية لبورخيس. وفي كلمته، تساءل شارية عن ما يدفع شاعرا مغربيا للغوص في عوالم شعرية عميقة بلغتها الأصلية المربكة قائلا: “أليس بورخيس هو نار المعنى ذاته حين يختزل كل شيء في اقتصاد العبارة؟”. وأشاد بمسار خالد الريسوني في مجال الترجمة، معتبرا أن ترجمته للشعر هي عملية تتجاوز الكلمات لتصل إلى الاحتراق بلسان المعنى.
تحديات ترجمة الشعر وأهمية بورخيس الأدبية
وصف شارية ما قام به الريسوني بأنه عمل جريء وشجاع، نظرا لجمع بورخيس بين الفلسفة والخيال والشعر والعلوم، مما يضع المترجم أمام تحديات كبيرة في سبر أغوار معانيه. وأضاف أن من لم يقرأ أو يستمع إلى بورخيس فقد فاته الكثير من المغامرة الأدبية اللامتناهية، وأكد على أن بورخيس يمثل أيقونة الأدب العالمي بامتياز، موصوفا بأنه الشاعر الكبير والفوضوي الفردي ورائد الأدب الخيالي.
شهادات شعرية ومداخلات متنوعة
من جانبه، عبر المترجم خالد الريسوني عن رؤيته للعلاقة التي جمعته ببورخيس قائلا: “أحتفظ باللحظات المتفردة لإبداعه الأدبي، فهي الأهم بالنسبة لي كقارئ ومترجم”. وأضاف أن بورخيس، رغم عدم فوزه بجائزة نوبل، إلا أنه نال جائزة سيرفانتيس التي شاركها مع الشاعر خيراردو دييغو، مما أثار مزيجا من مشاعر السخرية والاعتراف بقيمته الأدبية.
قراءات شعرية تجمع بين الشرق والغرب
شهدت الليلة الشعرية قراءات مميزة، حيث افتتحها الشاعر الأردني حسن النبرواي بقصيدة ذات طابع وجداني عميق، بينما أهدت الشاعرة التطوانية نسرين بلعربي قصيدتها إلى ابنتها “إيناس”، معبرة عن حبها بلغة إسبانية شفافة. وقدم الشاعر عزيز أمحجور قصيدة عن مدينة “تَدْمُرَ” بلغة تمزج بين الأسطورة والواقع، فيما اختتم الشاعر الفلسطيني مهند ذويب الليلة بقصيدة تنبض بالحس الصوفي والوجدان.
وكانت هذه الليلة الشعرية فرصة للاحتفاء بتراث بورخيس وإبراز التلاقي الثقافي بين العالمين العربي والإسباني، مما يعكس عمق التواصل الأدبي والشعري الذي يتجاوز الحدود الجغرافية.
التعليقات 0