توصل “آش نيوز” بمعطيات تتحدث عن أشغال هدم منتظرة في الشريط الساحلي للدار البيضاء، بدعوى إعادة تأهيل “كورنيش عين الذياب”، المتنفس السياحي والتاريخي للعاصمة الاقتصادية، وهي الأخبار التي تناولت أيضا إزالة مسابح مثل “طايتي” و”ميامي” وغيرها، التي قضى فيها جزء كبير من “بيضاوة” أجمل ذكريات حياتهم.
إلى حدود الآن. لم نتمكن في الموقع من التوصل إلى معلومة تنفي هذه الأخبار أو تؤكدها، لكن يقينا واحدا يظهر للعيان، هو أن السلطات شرعت فعلا في هدم بنايات على “الكورنيش”، على امتداد الأطلسي، كما لو أن الأمر يتعلق بمبادرة مركزية تقودها الداخلية، ما دام رجالها في الفضاءات المعنية هم من يقود تلك العمليات.
تراث وذاكرة
الغريب في الأمر أن المدافعين على “الباتريموان”، أي تراث وذاكرة مدينة الدار البيضاء، لم يتحركوا ولم يصدروا أي بلاغ، بل لم يهمهم الأمر، في الوقت الذي نجدهم يتصدون لكل من حاول هدم فيلا قديمة لتحويلها إلى عمارة والاستفادة من التنطيق الجديد للوكالة الحضرية، أي تعلية الطوابق، بعد أن أصبحت المنطقة تسمح ببناء عمارات، إذ حينها تتصدى الجمعية لمالك العقار وتمنعه من الاستثمار، لدرجة أن بعض العارفين، استبقوا السلطات إلى هدم تلك الفيلات والبنايات خوفا من التصنيف، ولم يستصدروا رخصة بالهدم حتى لا يشعروا المتربصين من المدافعين على التراث.
“طايتي” و”ميامي”
مسبح “طايتي” معلمة بيضاوية شيدت في أوائل القرن الماضي، وهي ذاكرة للتحضر والتمدن، احتضنت مسابقات كبيرة ضمنها مسابقة ملكة الجمال وغيرها من الأنشطة. أما مسبح “ميامي”، فعاصر كل الأجيال ويعد من معالم “كورنيش” البيضاء، كما يتوفر على ناد رياضي من أجمل النوادي على المستوى الإفريقي.
كل هذا التاريخ وتلك الذكريات التي تغنى بها النجوم، ستدوسه الجرافات، لتمحو تاريخا عريقا، لا يتعلق بمساكن شخصية، بل بفضاءات جماعية يشترك فيها كل البيضاويين، تماما كما سبق أن وقع للمسرح البلدي ولمسبح الرمال الذهبية المقابل لمسجد آل سعود، وحوض الحوت (لاكواريوم)، بالقرب من لافوار، وغيرها من المعالم التي أزيلت وظلت عالقة بالأذهان.
تاريخ لا يمحى
جامع الفنا مجرد ساحة، لكنها تحمل عبق التاريخ، واليوم أصبحت محمية بموجب تصنيفها في موقع للتراث العالمي لليونسكو، لما تحمله من تاريخ وما تشكله من انصهار للثقافات. كذلك هي مسابح عين الذئاب، فقد كانت شعلة في التحرر، وعلمت المغاربة فن العوم في المسبح والتعايش مع الأجنبي الذي كانت ملاذه، إنها مسابح تؤرخ للعصرنة ولتاريخ لا يمكن أن يمحى ولو تحت معاول الهدم.
التعليقات 0