غادرتنا في صمت، ليلة الأحد الماضي، نعيمة زليكة، دون أن يكتب عنها خبر يتيم، أو تنشر قبيلة “الفيسبوكيين” صورا لهم معها ويكتبوا تدوينات تترحم عليها، ربما لأنهم لا يعرفونها، أو لأنها ليست مشهورة إلى درجة “البوز”، رغم أنها أعطت الكثير لتراث “العيطة” وقامت بمجهودات جبارة من أجل الحفاظ عليها وتكوين “شيوخ” شباب يمكنهم حمل المشعل بعد أن بدأ كبار شيوخها يترجلون عن صهوة الحياة واحدا (ة) تلو الآخر (الأخرى).
بوشعيب زليكة
وحسب مصادر مقربة، فقد تعرضت نعيمة زليكة، في الأسابيع الأخيرة، لنوبات تنفسية حادة، قضت آخرها على حياتها بعد أن نقلها ابنها إلى إحدى المستشفيات، حيث تماثلت للشفاء نسبيا، قبل أن تلفظ أنفاسها يوم الأحد الماضي في منزلها بدرب السلطان، الحي الذي نشأت فيه وماتت فيه وافتخرت دائما بالانتماء إليه.
ولمن لا يعرف نعيمة زليكة، فهي رئيسة جمعية “بوشعيب زليكة” الثقافية لفن العيطة، التي تنظم مهرجان العيطة بالدار البيضاء، منذ أكثر من 14 سنة، إحياء لهذا الموروث الأصيل وحفاظا على أصالته، هي التي تربت في كنفه وكانت شاهدة على كبار شيوخه، وعلى رأسهم والدها بوشعيب زليكة، رائد هذا الفن ومجدده، والفنان الذي منحه لمسته الطربية الراقية، رفقة الراحلين الكبيرين “الماريشال قيبو” والأيقونة بوشعيب البيضاوي.
“فتات” للعيطة
عاشت نعيمة زليكة، وهي من مواليد 1951، حياتها كاملة وهي تناضل من أجل إحياء هذا الفن عبر مهرجانها لفن العيطة، وتطرق أبواب الوزارات والإدارات ومجالس المدينة المتعاقبة والجهة والعمالة، رغم مرضها وشيخوختها، من أجل الحصول على دعم له ولجمعيتها التي خصصتها لتكوين الشباب في العزف والغناء الشعبي على أصوله، بمشاركة كبار رواد “العيطة”، وعلى رأسهم الفنان الكبير الراحل مصطفى البيضاوي.
ورغم “الفتات” الذي كانت تحصل عليه، أصرت دائما على إقامة مهرجانها للعيطة بمشاركة كبار فنانينها وشيخاتها، مثل خديجة مركوم والراحل مصطفى البيضاوي وجمال الزرهوني وولاد البوعزاوي وعايشة الجرارية و”الكوامانجي” المتفرد الراحل مبارك العوني، كما حرصت على منح تكوين للعديد من الشباب الذين حملوا المشعل، ولو أنهم محسوبون على رؤوس الأصابع، وعلى رأسهم الفنان الشاب والواعد حمزة البيضاوي.
رحلت نعيمة زليكة، ابنة بوشعيب زليكة، وتركت “العيطة” تبكيها وتندبها وتنعيها “لمن خليتيني”؟
التعليقات 0