في ظل الأوضاع المضطربة التي يشهدها الإنتاج المسرحي في المغرب، لا يزال هناك بصيص أمل وأسماء شابة تقدم أعمالا متميزة وتحاول جاهدة تقديم صورة تليق بالمسرح المغربي. من بين هذه الأسماء، يبرز المخرج والسيناريست الشاب المهدي عبوبي، الذي استعار دور المحلل الاجتماعي وسلط الضوء على التغيرات الاجتماعية التي خلفتها أزمة “كورونا” من خلال مسرحيته “دار الحاجة”. وقد تألق في هذه المسرحية عدد من الوجوه البارزة على الشاشة، من بينهم الممثلة سعاد النجار ولبنى شكلاط وسكينة درابيل وحسناء المومني وهند السعيدي. وفي هذا السياق، أجرى “آش نيوز” حوارا مع المهدي عبوبي، تجدون تفاصيله في ما يلي:
كيف كانت ظروف الاشتغال في مسرحية “دار الحاجة” وكواليس العمل؟
العمل المسرحي “دار الحاجة” هو إنتاج سعودي-مغربي، جمع بين علي عباس الصانع، الشاعر والأديب السعودي، والممثلة سعاد النجار، المعروفة بلقب المرأة الحديدية، التي أكملت مسيرة زوجها الفنان المبدع المرحوم محمد البسطاوي، تحت اسم “مسرح الشمس”. كان لا بد أن تثمر هذه الشراكة عن عمل مسرحي مميز ومتعدد الأبعاد، وقد وقع اختياري على التأليف والإخراج. أما بالنسبة للاختيارات الفنية، فقد ضم العمل أسماء بارزة وذات سمعة في المشهد الفني المغربي، مما أضفى عليه طابعا فنيا مميزا ومتكاملا. لقد برع هؤلاء الفنانون في تجسيد الشخصيات وأضفوا لمساتهم الخاصة على المواقف الكوميدية من خلال الارتجال.
ما هو موضوع المسرحية وما دلالة العنوان؟
المسرحية تطرح تساؤلات إنسانية حول الوضعية الاجتماعية للإنسان المعاصر، أي الإنسان بعد فترة كورونا، والتأثير الذي خلفه هذا الوباء على العلاقات الإنسانية. اخترت معالجة هذا الموضوع من خلال كوميديا الهزل وكوميديا المواقف، مع التركيز على الجانب الواقعي في رسم الشخصيات، خاصة شخصية البطل. العنوان “دار الحاجة” يحمل دلالة المكان الذي تعيش فيه الشخصيات، وهو عالم الحياة الصعبة والمعقدة، حيث تعاني الشخصيات من نقص في الإنسانية والماديات.
هل هذه هي أول تجربة مسرحية لك؟
بعد عملي في السينما كمخرج للأفلام القصيرة والطويلة، تعتبر مسرحية “دار الحاجة” أول تجربة مسرحية لي كمخرج ومؤلف. ومع ذلك، سبق لي أن عملت كمغني في مسرحية سابقة بعنوان “زوج من الحاجة” للمخرج يوسف أيت منصور.
هل تجد أن التجربة المسرحية أصعب من السينما؟
من الصعب تحديد أي التجربتين أصعب، لأن لكل منهما تحدياته الخاصة. من الناحية التقنية، تعتبر السينما أكثر تعقيدا من المسرح، رغم أنني حاولت دمج بعض عناصر السينما في المسرح خلال هذه التجربة. ومن الناحية الفنية أعتبرهما متساويين، ولكن من الناحية الإنسانية، يعتبر المسرح تجربة شاملة تتيح لك الاقتراب من الممثلين والتقنيين والجمهور بشكل أكبر. ما يقدمه المسرح من دروس إنسانية لا يقدر بثمن، فاهتمامي الأساسي كفنان هو الإنسان بكل تعقيداته.
ما رأيك في البيان الذي نشرته الفيدرالية الوطنية للفنون المرئية والحية مؤخرا، والذي استنكر الوضع الحالي للمسرح؟
أولا أصبحت وضعية الفنان معروفة للجميع، وأنا لا أريد التركيز فقط على مسألة الدعم والمستفيدين منه، بل أود التطرق لما هو أهم، وهو صورة الوطن، فالفنان والرياضي هما الواجهة الإعلامية لبلادنا، إذ يجب علينا الاهتمام بهذه الواجهة ووضع المثقفين والفنانين الحقيقيين في مكانتهم الطبيعية، فالفنان هو صورة الإنسان المغربي التي يراها العالم في المهرجانات والتظاهرات الثقافية والمنصات العالمية، وهذه الصورة تمثل الوطن. ثانيا، لا نحمل المسؤولية كاملة للحكومة الحالية، لأن الوضعية الحالية تتحمل مسؤوليتها جميع الحكومات السابقة منذ الاستقلال. لكن ما نلوم عليه الحكومة الحالية هو غياب التواصل مع الفنانين للوصول إلى حلول مفيدة والاكتفاء بالتعامل مع نفس الوجوه التي كانت سائدة في السابق.
التعليقات 0