تنظر محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في جلستها المنعقدة يوم 25 نونبر المقبل، في قضية سطو على عقار عبر الإدلاء بوثائق مزورة صادرة من إسبانيا وغير مذيلة بالصيغة التنفيذية، وبأحكام غير موجودة نهائيا، تم صنعها لتوهيم المحكمة، وهي القضية التي لا زالت تروج داخل محكمة الاستئناف بالدار البيضاء منذ سنتين، وبعث أصحابها 56 شكاية لجميع الإدارات والقصر الملكي والوزارات ورئاسة النيابة العامة، لكنها لا زالت لم تحسم بعد.
ظهور أشخاص يدعون زورا ملكيتهم للعقار
وفي التفاصيل، فقد تفاجأ الورثة، بأن العقار الذي اشتراه والدهم من مواطن فرنسي بعين السبع، سنة 1966، تم الاستيلاء عليه من طرف مافيا عقارية، ظهرت فجأة، متخصصة في البحث عن العقارات التي كان يملكها الأجانب الذين كانوا يقيمون بالمغرب وغادروه، وأدلت بوثائق ثبت أنها مزورة، كما ادعى زعيم هذه العصابة أنه اشترى هذا العقار سنة 1977 وأدلى بأحكام قضائية صنعها بنفسه، والتي تبين أنه لا وجود لها نهائيا في أرشيف المحكمة.
وأحيلت القضية على الوكيل العام الذي أحالها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وبعد البحث، وقفت العناصر الأمنية على أن هذه الوثائق المدلى بها من طرف عصابة السطو على العقار مزورة، ولا وجود لها.
أمر باعتقال زعيم العصابة
وصدر قرار باعتقال الفاعل الرئيسي، إلا أنه بعدها توبع في حالة سراح بسبب إدلائه بوثائق طبية تفيد أنه مريض بالسرطان.
والغريب في حيثيات هذه القضية، أن أشخاصا آخرين ظهروا بدورهم ليدعوا أنهم ملاك هذا العقار، وأدلوا للمحكمة بوثائق صادرة من دولة إسبانيا وغير مذيلة بالصيغة التنفيذية كما ينص على ذلك القانون، مضمونها أنهم ينوبون عن مواطنة أجنبية، وأنها تنازلت لهم عن إرثها.
وتصدت المحكمة وأصدرت قرارا بإتلاف الأحكام المفبركة وبالرجوع للأصل وأن العقار يؤول لورثته الحقيقيين.
وكشف الورثة الحقيقيون، أن والدهم كان شريكا في هذا العقار لمواطن أجنبي، واشترى والدهم نصيب شريكه سنة 1966 وتم تحرير العقد لدى وكالة متخصصة في العقار في سنته. وظهر شخص ادعى أنه اشترى هذا العقار سنة 1977 وقدم نسختين من حكم قضائي، مدعيا أن الحكم الأصلي ضاع بسبب فيضانات، ولم ينتبه المشتبه في تورطهم، أن مالك العقار توفي سنة 1966. ورفع المالكون الحقيقيون دعوى بشأن الترامي على ملك الغير، بعدما لم يكونوا يعلمون أن الوثائق التي أدلى بها المتهم مزورة، وتبين للشرطة أن المتهم الرئيسي، حصل على أوراق مطبوعة تحمل رأسية المحكمة، بمساعدة كاتب ضبط، وضمنوا فيها حكما وهميا.
استغلال غياب المحافظ لإدراج أحكام لا وجود لها بالمحاكم
وتمكن المتهم من الإدلاء بشهادة ضبطية، تفيد أن الملف الأصلي ضاع، تمكن من إدراجه بالمحافظة مستغلا غياب المحافظ الرسمي، الذي كان ينوب عنه أحد الموظفين. وبعد إتمام الأبحاث الأمنية، رجع الملف للوكيل العام، الذي اتخذ قرارا بإحالته على قاضي التحقيق، ليتضح زور الأحكام التي صنعها زعيم العصابة، وقام تسجيلها بالمحافظة.
واكتشف قاضي التحقيق وجود تحريف في الحكم الأول الذي تبين أنه صادر عن سيدة تسمى إيميليان، وحرفوا هذا الاسم إلى اسم رجل أجنبي يسمى إيميل، وأن الحكم مجرد نسخة ولا وجود للأصل في أرشيف المحكمة.
وصرح المتهم الرئيسي أنه وجد العقار عاريا، في الوقت الذي توجد بنايات فوق هذا العقار منذ 1948، وبنايات شيدت سنة 1969، وأن المالكين الحقيقيين أدلوا برخصة الربط الكهربائي التي حصلوا عليها خلال هذه السنوات، والتي تفيد بترخيص بمد هذه البنايات بالضغط الكهربائي عالي التوتر الذي يمنح للوحدات الصناعية، ليتم اعتقال المتهم الرئيسي من طرف قاضي التحقيق، ويتابع بسبب مرضه في حالة سراح.
وصدر حكم بإتلاف الأحكام المزورة والتشطيب عليها من المحافظة، وصدر حكم بخمس سنوات ضد المتهم الرئيسي.
استقدام مواطنة فرنسية دفعوها للادعاء أنها وارثة
ومرة أخرى سيتفاجأ الورثة الحقيقيون، باستقدام مواطنة فرنسية عن طريق مكتب متخصص في تحديد الأنساب، والتي ادعت أنها زوجة الفرنسي شريك والد الورثة الحقيقيين، الذين اشترى والدهم نصيب هذا الفرنسي المتوفي، لكن المحكمة بناء على قناعتها رفضت تذييل هذه الوثائق بالصيغة التنفيذية.
وليتبين أن هذه المافيا تتقاضى بسوء نية وتحاول إيهام القضاء للحصول على حكم لصالحها للسطو على هذا العقار، سيلجأ زعيم هذه العصابة للمحكمة التجارية ويقيم دعوى بشأن طرد محتل، وحكمت المحكمة لصالح الورثة الحقيقيين وبصحة وثائقهم المدلى بها، وبررت الحكم بانعدام صفة زعيم هذه العصابة ليتقاضى حول هذا العقار.
حكمان مزوران
وقدمت مافيا العقار حكمين، الأول مفبرك والثاني مزور، استغلهما نائب المحافظ في غياب المحافظ، لتسجيل العقار في اسم المتهم الرئيسي. وبعد البحث تبين أن هذين الحكمين لا وجود لهما بالمحكمة، وقد أثبت ذلك بعد عرضه على كاتب الجلسة .
وتم عرض الملف في الأول على وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية، فتمت إحالته على الوكيل العام للإختصاص، والذي أحال بدوره المسطرة على الفرقة الوطنية من أجل البحث مع المشتكى بهم، بحيث دام البحث من طرف الفرقة الوطنية لمدة ستة أشهر. وبعد تقديم المشتكى بهم أمام الوكيل العام أحيلت المسطرة على قاضي التحقيق ملف عدد 2017\2301\1303 بحيث أمر بوضع المتهم الرئيسي بسجن عكاشة ومتابعة الثاني في حالة سراح.
وبتاريخ 30\12\2020 أصدرت غرفة الجنايات الإبتدائية حكمها بسقوط الدعوى العمومية لوفاة المتهم الرئيسي بعدما متعته المحكمة بسراح مؤقت نظرا لتدهور حالته الصحية وحكمت على نائب المحافظ بخمس سنوات سجنا نافذة وبتعويض ورثة الفرنسي الأصليين وعقل العقار.
التعليقات 0