آش نيوز - الخبر على مدار الساعة - اخبار المغرب وأخبار مغربية

H-NEWS آش نيوز
آش نيوز TV14 يناير 2025 - 18:26

هل التعليم ممنوع على لطيفة أحرار؟

باحث في التاريخ يعلق على جدل تعيينها بوكالة لتقييم جودة التعليم العالي

يوسف المساتي

أثار تعيين الفنانة لطيفة أحرار عضوة في مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي لغطا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي، سرعان ما تحول إلى موجة انتقادات لاذعة، خلطت بين الشخصي والمؤسساتي، وسط غياب واضح للفهم الدقيق لدور الوكالة واختصاصاتها، بل وطبيعة تعيين أحرار نفسها.

في خضم هذا الجدل، برزت نظريات المؤامرة التي غذتها منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث فضل العديد من المنتقدين إرفاق تعليقاتهم بصور أو مقتطفات من تصريحات وأعمال الفنانة السابقة، في محاولة لربط التعيين باستهداف التعليم، بينما ذهب آخرون إلى الحديث عن انتمائها السياسي أو علاقتها بأشخاص مؤثرين، مما أضفى طابعا شخصيا وسياسيا على نقاش كان من المفترض أن يبقى علميا بحثا.

بين الهجوم الشخصي وسوء الفهم المؤسساتي 

انتقد التعيين بناء على تصورات مسبقة تركز على كون لطيفة أحرار “فنانة مثيرة للجدل”، دون محاولة فهم تركيبة الوكالة الوطنية، أعضائها، أو اختصاصاتها. وبالعودة إلى القانون رقم 80.12 المنظم للوكالة، والصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 18 غشت 2014، ومختلف تعديلاته اللاحقة، نجد في مادته الثامنة: “يتألف مجلس إدارة الوكالة، الذي يترأسه رئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه، إضافة إلى ممثلي الدولة من:

– أمين السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات أو من يمثله.

– رئيس اللجنة الوطنية لتنسيق التعليم العالي أو من يمثله.

– رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أو من يمثله.

– ممثل عن المؤسسات غير التابعة للجامعات.

– ممثل عن التعليم العالي الخاص.

– رئيسان سابقان لجامعة تابعة للتعليم العالي العام.

– أربعة أعضاء مشهود لهم بكفاءتهم العلمية والتقنية.

– ممثل واحد ينتخبه مستخدمو الوكالة من بينهم.

وبالتالي، يتضح أن أعضاء مجلس الإدارة يشملون ممثلين عن مختلف القطاعات التعليمية والإدارية، ولطيفة أحرار لا تشغل هذا المنصب بصفتها الشخصية، بل باعتبارها مديرة للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وهو ما يجعلها جزءا من تركيبة متنوعة تمثل مختلف مكونات المنظومة التعليمية.

اختصاصات مجلس الإدارة: مهام إدارية وليست علمية 

جزء كبير من الانتقادات ركز على التشكيك في علاقة لطيفة أحرار بالبحث العلمي ومدى كفاءتها لتقييم التعليم العالي، وهذا الأمر يكشف عن جهل أو على الأقل سوء فهم لمهام مجلس الإدارة والتي حددتها المادة التاسعة من القانون في:

– تحديد التوجهات الكبرى للوكالة وبرنامج عملها.

– إعداد الميزانية السنوية للوكالة وطرق تمويل برامجها.

– وضع الهيكل التنظيمي للوكالة وتحديد اختصاصاته.

– اقتراح معايير التقييم.

– المصادقة على عقود الشراكة واتفاقيات التعاون.

يتضح من هذه المهام أن المجلس يمارس دورا إداريا وتنظيميا ولنقل “تقنيا”، وليس علميا، أما المهام المرتبطة بالبحث العلمي فتعهد إلى الخبراء والمختصين، وليس إلى أعضاء مجلس الإدارة، لذلك، كان ينبغي أن يتجه النقاش إلى الكفاءة الإدارية والتسيرية للطيفة أحرار بدلا من التركيز على الجوانب الأكاديمية أو العلمية، ولمدى نجاحها في إدارة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي.

نقد أم تحيز مجتمعي 

الهجوم على لطيفة أحرار اتسم بخطاب مليء بالتحيزات المجتمعية، وبل ربما تجاوزها إلى نوع من العنف المرتبط بالنوع الذي ركز على إقرانها بتصورات نمطية مرتبطة بكونها “امرأة” و”فنانة”، وهو ما جعلها هدفا سهلا للانتقاد، وسهل إشعال فتيل حملة الهجوم عليها، خاصة من طرف كثير ممن يزعجهم رؤية امراة في منصب مسؤولية أو قرار.

كان يمكن لهذا النقاش أن يكون أكثر عمقا وبناء لو ركز على معايير اختيار أعضاء مجالس الإدارات في المؤسسات الوطنية، وعلى تقارير الوكالة وتوجهها، والتعليم كقضية استراتيجية لأي مشروع مجتمعي وغيرها من القضايا. أما الهجوم على فنانة دخلت لمجلس الإدارة بحكم صفتها الإدارية مدة محددة زمنية، فقط لأنها امرأة وفنانة مزعجة للبعض بسبب مواقفها، فهو الخراب المبين.

بقلم: يوسف المساتي (باحث في التاريخ والآثار والتراث)

 

Achnews

مجانى
عرض