آش نيوز - الخبر على مدار الساعة - اخبار المغرب وأخبار مغربية

H-NEWS آش نيوز
آش نيوز TV15 يناير 2025 - 20:35

اعتقال محمد أمين.. باطل

نورا الفواري 2

واقعة اعتقال محمد أمين ن، خطيب المحامية الفرنسية التي تتهم أبناء شخصيات نافذة باغتصابها، وإيداعه سجن عكاشة، تطرح لدى المتابعين لهذا الملف، ولدى العديد من رجال ونساء القانون، العديد من التساؤلات والأسئلة المشروعة، نظرا للسرعة التي تم بها توقيفه في مطار محمد الخامس وكأنه متهم في قضايا مخدرات أو إرهاب، دون الحديث عن وضعه تحت الحراسة النظرية ثم متابعته في حالة اعتقال. وكل هذا بسبب شريط صوتي تم تسريبه قبل أسابيع، تحدث فيه مع طرف آخر، عن تفاصيل الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق في الملف وكال فيه السب والقذف في حق إحدى المحاميات التي كانت طرفا في الدفاع عن أحد المتهمين المعتقلين بدورهم في عكاشة.

الفصل1-447 من القانون الجنائي يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم كل من قام عمدا، وبأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها، أما الفصل 2- 447 ف”يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة للأشخاص أو التشهير بهم، في حين يعاقب الفصل 3 – 447 بالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات وغرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم، إذا ارتكبت الأفعال المنصوص عليها في الفصلين السابقين، في حالة العود، وفي حالة ارتكاب الجريمة من طرف الزوج أو الطليق أو الخاطب أو أحد الفروع أو أحد الأصول أو الكافل أو شخص له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلف برعايتها، أو ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد قاصر”.

وبناء على هذه الفصول، يمكن القول إن اعتقال خطيب المحامية الفرنسية محمد أمين ن هو باطل ومخالف للقانون ولروح الدستور أيضا الذي يضمن سرية المكالمات بين الأشخاص، بل يهدد القيم المجتمعية ويدمر علاقة الثقة بين أفراد المجتمع. لماذا؟ لأن كل مكالمة عادية بين شخصين اليوم، قد تصبح غدا موضوع متابعة لأحد طرفيها، فقط لأن طرفا ثانيا سربها فانتشرت على نطاق واسع. وعلى هذا الأساس فجميع المغاربة مهددون بسبب ما تتضمنه أحاديثهم من سب وقذف ونميمة وتشهير بالأشخاص، طالما “ما سمعهم حد”.

محمد أمين ن، حين كان يتحدث إلى الطرف الثاني في المكالمة، فلأنه صديق ولأنه يعرفه. ويبدو من خلال نبرة صوته وطريقته أنه كان يثق فيه، لذلك كلمه بعفوية وحكى له ما وقع لدى قاضي التحقيق، بغض النظر إن كان صحيحا أم كاذبا، دون أن ينتبه إلى أنه كان يسجله. بمعنى أن نيته كانت سليمة، وإلا لكان احتاط في كلامه وعرف “شنو يخرج من فمو”، وكانت هذه جريمته الفعلية، فلو كان أقفل فمه، لما كان هذا مصيره.

ومنطقي أيضا، أن لا يكون محمد أمين ن، وراء تسريب المكالمة. لأن لا مصلحة له في ذلك أولا، كما أنه لا يمكن أن يقوم بفعل يدينه. وهنا، يجب أن نستحضر الطرف الثاني في المكالمة، والذي كان يبدو أنه يستدرج صديقنا في الكلام، سواء عبر طريقته المبالغ فيها في شكره وتمجيده على ما فعل، ليدغدغ لديه “الإيغو” وبالتالي يجعله يسترسل في الكلام على عواهنه، أو من خلال الأسئلة التي كان يطرحها عليه، والتي كان يطلب منه إعادة الجواب عليها وكأنه يريد أن “يثبتها” عليه. هذا الطرف، الأرجح أنه وراء عملية التسريب للشريط الصوتي، لم يتم الاستماع إليه ولا وضعه تحت الحراسة النظرية ولا اعتقاله. بل إنه سافر خارج أرض الوطن، ولا نعرف إن كان سيتم توقيفه في المطار هو الآخر، أم أنه سيظل مستمتعا بأجواء ماربيا إلى أن تهدأ العاصفة وتسوى الأوضاع ثم يعود.

نأتي إلى نقابة المحامين، التي وضعت شكاية ضد محمد أمين ن، بإيعاز من إحدى المحاميات التي تعرضت للسب في الشريط الصوتي، والتي كانت طرفا في الدفاع عن واحد من المتهمين قبل أن يتم استبدالها بزميل آخر في المهنة. فمع احترامنا لأصحاب البذلة السوداء وتقديرنا لكل ما يقومون به من أجل الدفاع عن الحقوق، إلا أن الأمر مثير للالتباس بعض الشيء. فهل تكفي كلمة فاحشة تسمعها العديد من المغربيات عدة مرات في اليوم، في الشارع والفضاء العام وغيره، إلى درجة استأنسن بها وأصبحت ملازمة لحياتهن اليومية، لإيداع شخص السجن، رغم أنه لم يقلها مباشرة ولم يقم ببثها ونشرها وتسريبها؟ الملك نفسه، بالقداسة التي منحها لشخصه الشرع والقانون وحب المغاربة، تعرض للقذف والتشهير في فيديوهات على “يوتوب” ومنتشرة في منصات التواصل الاجتماعي، لكنه لم يحرك أي متابعة في حق أصحابها.

نحن لا ندافع عن محمد أمين ن، ولا عن غيره. ولسنا ضد المحامية ولا النقابة. لكن كل هذه “المرافعة” الصحافية، دفاعا عن القانون. أفلم يكن من الممكن متابعة “المتهم” في حالة سراح مثلا، ونحن مقبلون على عهد العقوبات البديلة؟ هل كان ضروريا أن يلتحق ب”شلة” أصدقائه الذين كان سببا في دخولهم السجن بسبب شكاية تنازل عنها في آخر المطاف؟ ألا يبدو الأمر أقرب إلى مؤامرة رغبة في الانتقام أكثر منه صرامة في تطبيق “القانون”.

وليعذرنا المختصون. ولتعذرنا أيضا السلطات التي أمرت بهذا الاعتقال، إن كنا نجهل “قانونها” الذي استندت عليه. إن هي إلا تساؤلات صحافية مشروعة في قضية شغلت الرأي العام. والأكيد أن العديدين يتقاسمونها معنا.

 

Achnews

مجانى
عرض