الجزائر تستغل لاجئي تندوف للحصول على تمويلات خارجية
تقارير تشكك في آليات توزيعها في غياب أي حلول تنموية مستدامة لسكان المخيمات

في الوقت الذي تواصل فيه الجزائر تقديم نفسها كراعية لجبهة البوليساريو تحت غطاء “الدعم الإنساني”، تكشف تقارير برنامج الأغذية العالمي (WFP) واقعا مختلفا تماما، إذ تعتمد السلطات الجزائرية على المساعدات الدولية لتغطية الاحتياجات الغذائية الأساسية للاجئين في مخيمات تندوف، ما يثير تساؤلات حول استغلال هذه الأزمة الإنسانية لأغراض سياسية.
مخيمات تندوف.. بوابة الجزائر للحصول على المساعدات الدولية
وتحصل مخيمات تندوف، الواقعة جنوب غرب الجزائر، على مساعدات إنسانية ضخمة من مختلف المنظمات الدولية، وعلى رأسها برنامج الأغذية العالمي، الذي يواصل تزويد المخيمات بالمواد الغذائية رغم تصاعد الشكوك حول آليات توزيعها. وتضع هذه المعطيات علامات استفهام حول ما إذا كانت هذه المخيمات تعاني فعليا من أزمة تمويل، أم أن الجزائر تبقيها كورقة ضغط سياسية لطلب المزيد من الدعم الخارجي دون تقديم أي حلول تنموية مستدامة.
ووفقا للأرقام الصادرة عن برنامج الأغذية العالمي لشهر يناير 2024، تم توزيع 133672 حصة غذائية على سكان المخيمات، وشملت المساعدات 1492 طنا من المواد الغذائية في إطار البرنامج العام، إلى جانب 161990 دولارا كمساعدات نقدية مباشرة، بينما تطالب الجزائر بتمويل إضافي يبلغ 9.9 مليون دولار لضمان استمرار تقديم الغذاء للاجئين حتى يوليوز 2025.
ورغم هذه المساعدات الهائلة، لا تزال تقارير دولية تؤكد استمرار معاناة سكان المخيمات من سوء التغذية وظروف المعيشة الصعبة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عن الجهات المستفيدة فعليا من هذه المساعدات، خاصة في ظل الاتهامات المتكررة للنظام الجزائري بتحويل جزء منها لصالح قيادات جبهة البوليساريو.
مساعدات غذائية تكشف التبعية الدولية
وتتكون الحصة الغذائية اليومية لكل فرد في المخيمات من 1499 سعرة حرارية، موزعة على كميات محددة تشمل 5 كيلوغرامات من دقيق القمح المدعم و1.5 كيلوغرام من الشعير و1.5 كيلوغرام من الحمص و1.5 كيلوغرام من الأرز و0.91 كيلوغرام من الزيت النباتي و0.75 كيلوغرام من السكر.
وفي محاولة لإظهار دعمها للاجئين، قام الهلال الأحمر الجزائري بإضافة كميات رمزية لا تتجاوز 1 كيلوغرام من الأرز و0.5 كيلوغرام من العدس لكل مستفيد، وهي مساهمة محدودة لا تعكس أي التزام حقيقي من الجزائر بتحمل مسؤوليتها تجاه هذه الفئة.
استغلال الأطفال لتضخيم الأزمة الإنسانية
إلى جانب المساعدات الغذائية، قدم برنامج الأغذية العالمي دعما للتغذية المدرسية داخل المخيمات، حيث استفاد 27348 طالبا في 44 مدرسة من وجبات يومية تشمل الطحين المحمص والحليب المجفف والزيت المدعم والسكر وبسكويت مدعم للأطفال في المدارس الابتدائية.
ورغم هذه المساعدات، لا تزال مدارس المخيمات تعاني نقصا حادا في الموارد الأساسية، ما يثير تساؤلات حول مدى شفافية توزيع المساعدات، ومدى استغلال الأطفال في الترويج للأزمة الإنسانية بهدف جذب المزيد من التمويلات الدولية.
ورغم استمرار ضخ المساعدات لعقود، تواصل الجزائر مطالبة المجتمع الدولي بمزيد من التمويلات، ما يعزز فرضية وجود تلاعب بهذه المساعدات أو إعادة توجيهها لخدمة أجندات سياسية. ومع غياب آليات رقابة فعالة، يبقى السؤال مطروحا حول مصير هذه المساعدات ومن المستفيد الحقيقي منها؟
مخيمات تندوف.. أداة للابتزاز السياسي
وإذا كانت الجزائر تصر على تقديم نفسها كداعم رئيسي لجبهة البوليساريو، فلماذا تعتمد بالكامل على المساعدات الدولية لإطعام سكان المخيمات؟ ولماذا لم تستثمر في تنمية هذه المناطق وضمان استقلاليتها الغذائية والاقتصادية بدلا من تركها تحت رحمة الإعانات الخارجية؟
والواقع يشير إلى أن مخيمات تندوف أصبحت وسيلة ضغط سياسي تستغلها الجزائر لابتزاز المجتمع الدولي والحصول على التمويلات الخارجية، دون تقديم أي حلول جذرية للسكان الذين يعانون من أوضاع معيشية صعبة منذ عقود. وفي ظل هذا الغموض، يبقى المستفيد الحقيقي من هذه المساعدات مجهولا، بينما يظل سكان المخيمات رهائن لأجندات سياسية لا تراعي مصالحهم الحقيقية.
تعليقات 0