في خطوة قد تؤدي إلى تحولات جذرية في مواقف القوى الدولية تجاه النزاع في الصحراء المغربية، كشفت صحيفة “ساحل أنتليجنس“، المتخصصة في الشؤون الأمنية الإفريقية، أن الولايات المتحدة بصدد مراجعة موقفها من جبهة البوليساريو، وسط توقعات بإدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية.

ويأتي هذا التحرك بعد الهجوم الذي شنته ميليشيات الجبهة على قاعدة عسكرية مغربية في منطقة “الكتلة” جنوب المغرب، والذي روجت له البوليساريو عبر بياناتها الإعلامية باعتباره عملية عسكرية كبيرة، زاعمة أنها ألحقت خسائر جسيمة بالجيش المغربي.

دلالات التصعيد في الذكرى 49 لإعلان “الجمهورية الوهمية”

وجاء هذا التصعيد العسكري بالتزامن مع الذكرى الـ49 لإعلان الجبهة ما يسمى بالجمهورية الصحراوية بدعم من الجزائر، ما يعكس محاولة الجبهة لفرض وجودها على الساحة الإقليمية عبر عمليات مسلحة تستهدف استقرار المنطقة.

ويشير مراقبون إلى أن هذا الهجوم ليس الأول من نوعه، بل يأتي في سياق سلسلة من الأعمال المسلحة التي تزايدت حدتها خلال السنوات الأخيرة، ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة النظر في تعاملها مع البوليساريو، خصوصا بعد أن أظهرت دعمها الواضح للموقف المغربي منذ اعتراف إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

الجزائر في موقف محرج أمام المجتمع الدولي

وفي حال مضي الولايات المتحدة الأمريكية في تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، ستكون لهذا القرار تداعيات سياسية ودبلوماسية كبيرة، إذ سيعزز الموقف المغربي إقليميا ودوليا، كما أنه سيضع الجزائر، الداعم الرئيسي للجبهة، تحت ضغط دولي متزايد، نظرا لدعمها المالي والعسكري للبوليساريو.

ويرى محللون أن تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية سيفرض على الجزائر إعادة النظر في دورها الإقليمي ونهجها السياسي، كما قد يؤدي إلى عقوبات دولية محتملة أو فرض قيود على تعاملها مع المؤسسات الغربية، خصوصا في ظل تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا مؤخرا.

تحولات محتملة في المشهد السياسي بالمنطقة

قرار إدراج البوليساريو ضمن قائمة الإرهاب، في حال اعتماده رسميا، قد يساهم في تغيير ميزان القوى في المنطقة، حيث سيؤدي إلى تقويض الدعم الدبلوماسي الذي تحظى به الجبهة، كما سيعزز موقف المغرب في المحافل الدولية، وذلك فيما يتعلق بمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل سياسي نهائي للنزاع.

كما قد يشكل هذا القرار تحولا كبيرا في طبيعة الصراع، حيث سيجبر بعض الدول التي لا تزال تدعم البوليساريو على إعادة تقييم موقفها، وهو ما قد يؤدي إلى تقليص الدعم المادي والسياسي الذي تتلقاه الجبهة، وبالتالي إنهاء أي آمال لديها في تحقيق أهدافها الانفصالية.

هل تتحول استراتيجية المواجهة الدولية؟

ومع تصاعد الأعمال العدائية التي تنفذها البوليساريو، باتت المخاوف الدولية تتزايد بشأن استقرار المنطقة المغاربية، لا سيما في ظل الأوضاع المتوترة في منطقة الساحل، حيث تنشط الجماعات الإرهابية بشكل مكثف.

وإذا ما تم تنفيذ هذا التصنيف رسميا، فمن المتوقع أن تتحول المواجهة الدولية مع البوليساريو من إطار سياسي إلى أمني، ما قد يؤدي إلى فرض عقوبات مشددة على قيادات الجبهة، فضلا عن تقييد تحركاتها الدبلوماسية.

في ظل هذه المستجدات، يترقب المراقبون القرار الأمريكي الرسمي، والذي قد يشكل نقطة تحول فاصلة في مستقبل النزاع حول الصحراء المغربية، ليضع حدا لمحاولات الجبهة الانفصالية استغلال السلاح كوسيلة لفرض أمر واقع، وسط دعم غير مشروط من الجزائر.