المغرب يشيد محطة غاز بالناظور لتعزيز أمنه الطاقي
ربط مباشر بأنبوب GME وخط بحري بمحاذاة جزر الكناري

في خطوة جديدة لترسيخ سيادته الطاقية وتوسيع بنياته التحتية الاستراتيجية، أعلن المغرب عن إطلاق مشروع إنشاء محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال بمدينة الناظور، تربط مباشرة بأنبوب الغاز المغاربي–الأوروبي (GME)، الذي أصبح يستورد عبره الغاز من إسبانيا بدل تصديره كما كان في السابق.
وقد كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، تفاصيل هذا المشروع أمام مجلس النواب، مشيرة إلى أنه سيقام في ميناء الناظور غرب المتوسط، ضمن رؤية استراتيجية تروم تنويع مصادر الطاقة، وتقليص التبعية، ومواكبة التحول نحو الطاقة النظيفة.
فولاذ صيني في مشروع مغربي بأبعاد جيوسياسية
وما أثار الانتباه في هذا المشروع هو توريد أنابيب الفولاذ من شركة Jingye الصينية العملاقة، في مؤشر جديد على انفتاح المغرب على شركاء صناعيين من خارج الفضاء الأوروبي، واستفادته من تحولات سلاسل التوريد العالمية.
ووفق ما نشرته صحيفة Voz Pópuli الإسبانية، فإن خط الأنابيب الجديد سيمتد بمحاذاة جزر الكناري، وهو ما يُكسب المشروع بعدا جيوسياسيا إضافيا، في سياق إقليمي حساس، خاصة مع استمرار توازن دقيق في العلاقات المغربية الإسبانية عقب الاعتراف الإسباني بمبادرة الحكم الذاتي للصحراء.
منشأة استراتيجية للربط الصناعي وتخفيف التبعية
ومن الناحية التقنية، سيساهم المشروع في تقوية ربط المناطق الصناعية الكبرى، كالقنيطرة والمحمدية، بشبكة الغاز، وتحقيق مرونة أكبر في عمليات التزود، سواء بالاستيراد أو مستقبلا بالتصدير عبر الربط الثنائي مع أوروبا.
ويمثل هذا التوجه جزءا من سياسة استباقية لتأمين الطلب الداخلي، في وقت تعاني فيه الأسواق العالمية من اضطرابات مزمنة في سلاسل الإمداد، بعد جائحة كوفيد والحرب الروسية الأوكرانية.
تكامل مغاربي–إفريقي في خدمة الأمن الطاقي
ولا يأتي هذا المشروع بمعزل عن مشاريع مغربية أوسع، من بينها الربط الكهربائي مع إسبانيا وبريطانيا، والمفاوضات المتواصلة بشأن أنبوب الغاز مع نيجيريا، بما يعزز موقع المغرب كمركز طاقي إقليمي على أبواب أوروبا وغرب إفريقيا.
كما يشكل دعم البنية التحتية الغازية ركيزة أساسية لمرحلة الانتقال الطاقي، حيث ما تزال الغازات الأحفورية ضرورية لضمان الاستقرار خلال التوجه نحو الطاقات المتجددة.
أولوية السيادة الطاقية واستباق المخاطر
وفي ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة، يبعث المشروع المغربي برسائل واضحة حول قدرة المملكة على اتخاذ خطوات جريئة لتأمين استقلالها الطاقي، والتحرر من تقلبات السوق الدولية، وتعزيز مكانتها كمحور استراتيجي لتوزيع الطاقة في المنطقة.
تعليقات 0