وجه  الملك محمد السادس، مساء اليوم السبت، خطابا إلى الشعب بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الرابعة والعشرين لتربعه العرش.

وأكد الملك في خطابه أن المسار التنموي للمغرب وصل إلى درجة من التقدم والنضج، و أننا في حاجة إلى “الجدية، للارتقاء به إلى مرحلة جديدة، وفتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى، التي يستحقها المغاربة”.

وقال الملك :”إن ما ندعو إليه، ليس شعارا فارغا، أو مجرد قيمة صورية. وإنما هو مفهوم متكامل، يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية، فكلما كانت الجدية حافزنا، كلما نجحنا في تجاوز الصعوبات، ورفع التحديات، فالشباب المغربي، متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم، بإنجازات كبيرة، وغير مسبوقة، كتلك التي حققها المنتخب الوطني في كأس العالم”.

وأوضح الملك بخصوص ملف ترشيح مشترك، لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، أنه ترشيح غير مسبوق، يجمع بين قارتين وحضارتين، إفريقيا وأوروبا، ويوحد ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ويحمل طموحات وتطلعات شعوب المنطقة، للمزيد من التعاون والتواصل والتفاهم.

وأشاد الملك في خطابه بإنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع، بكفاءات وطنية وتمويل مغربي، وكذا تقديم أول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين، قام بتطويرها شاب مغربي، وهي “مشاريع تؤكد النبوغ المغربي والثقة في طاقات وقدرات شبابنا، وتشجعه على المزيد من الاجتهاد والابتكار، وتعزز علامة “صنع في المغرب” وتقوي مكانة بلادنا كوجهة للاستثمار المنتج”.

وحسب الملك، فإن الجدية تتجسد عندما يتعلق الأمر بقضية وحدتنا الترابية، ف” هذه الجدية والمشروعية هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية؛ وآخرها اعتراف دولة إسرائيل، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي”.

وقال الملك : “الجدية  يجب أن تظل مذهبنا في الحياة والعمل، وأن تشمل جميع المجالات، ومنها الحياة السياسية والإدارية والقضائية: من خلال خدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة، وفي المجال الاجتماعي، وخاصة قطاعات الصحة والتعليم والشغل والسكن. كما أن الجدية التي نريدها، تعني أيضا الفاعلين الاقتصاديين، وقطاع الاستثمار والإنتاج والأعمال. والجدية كمنهج متكامل تقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص”.

وكشف الملك عن توجيه الحكومة لاتخاذ التدابير اللازمة، قصد تخفيف آثار ارتفاع الأسعار على الفئات الاجتماعية والقطاعات الأكثر تضررا، وضمان تزويد الأسواق بالمنتوجات الضرورية، خاصة أنه مع ظهور بعض بوادر التراجع التدريحي لضغوط التضخم، على المستوى العالمي، “فإننا في أمس الحاجة إلى الجدية وإشاعة الثقة، واستثمار الفرص الجديدة، لتعزيز صمود وانتعاش الاقتصاد الوطني”، مشيرا إلى إطلاق مشروع الاستثمار الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط، وتسريع مسار قطاع الطاقات المتجددة، وإعداد الحكومة مشروع “عرض المغرب”، في مجال الهيدروجين الأخضر، داعيا للإسراع بتنزيله، بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين، في هذا المجال الواعد.

واستكمالا لورش الحماية الاجتماعية، ننتظر الشروع، نهاية هذا العام، كما كان مقررا، في منح التعويضات الاجتماعية، لفائدة الأسر المستهدفة. أما في مجال تدبير الموارد المائية، الذي يتطلب المزيد من الجدية واليقظة، فأكد الملك حرصه على بلورة البرنامج الوطني للماء لفترة 2020-2027، داعيا للتتبع الدقيق لكل مراحل تنفيذه، مؤكدا عدم التساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير، والاستعمال الفوضوي واللا مسؤول للماء.

وجدد الملك التشبث منظومة القيم والمرجعيات الوطنية، ومنها التمسك بالقيم الدينية والوطنية، والوحدة الوطنية والترابية للبلاد، وصيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك، ومواصلة المسار التنموي، من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية.

وقال الملك “إننا نحرص أيضا على إقامة علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الجوار ، وخلال الأشهر الأخيرة، يتساءل العديد من الناس عن العلاقات بين المغرب والجزائر؛ وهي علاقات مستقرة، نتطلع لأن تكون أفضل”، مؤكدا للجزائريين أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء.