كشف مصطفى السعليتي، الخبير في علم الاجتماع، أن المغاربة خلال السنوات القليلة الماضية باتوا يعانون من سطحية كبيرة على مستوى التفكير والسلوك، وهو ما يعود إلى تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي التي تلعب دورا كبيرا في تشكيل الوعي الجماعي للأفراد، مبرزا أن هذه الظاهرة أسهمت في تراجع العلاقة بين الإنسان والمعرفة والعلم، مما انعكس سلبا على العادات الاجتماعية، وخصوصا على سلوكيات الشباب.
العزوف عن القراءة
وأوضح مصطفى السعليتي، في تصريح لـ“آش نيوز”، أن العزوف عن القراءة أصبح من سمات المجتمع المغربي، خاصة في ظل الانغماس في العالم الافتراضي الذي تهيمن عليه منصات التواصل الاجتماعي.
وذكر الخبير ذاته، أن هذا التراجع في الإقبال على الكتاب والقراءة أثر بشكل مباشر على مستوى المعرفة العلمية والثقافية في المجتمع، مشيرا إلى أن هذا التوجه يشكل تهديدا حقيقيا على التطور الفكري والاجتماعي للأجيال القادمة.
وأشار السعليتي إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سبق وكشف أن المغاربة لا يقرؤون، أو إنهم على الأقل لا يقرؤون كثيرا، كما أن عادات القراءة داخل الأسرة نادرة.
وهذا العزوف عن القراءة يعكس تراجعا في علاقة المجتمع بالثقافة والمعرفة، وهو ما يشكل تحديا كبيرا في مواجهة ما أسماه الخبير “التبعية النفسية والاستهلاكية” التي فرضتها وسائل الإعلام الحديثة.
الأثر النفسي
وفي هذا السياق، أكد مصطفى السعليتي، أن وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ساهمت بشكل شعوري وغير شعوري في ترسيخ “الاستجابة التبعية” للأفراد، وخاصة المراهقين، الذين أصبحوا يتأثرون بشكل كبير بما يعرض عليهم من محتويات.
وأوضح السعليتي أن هذا التأثير يؤدي إلى تقليد السلوكيات وتشكيل قناعات غير مدروسة، ما يعزز الظواهر السطحية في التفكير والسلوك.
وأضاف أن المراهقين في المجتمع المغربي، وكذلك في المجتمعات العربية بشكل عام، أصبحوا يمارسون ضغوطا على أسرهم لتلبية احتياجاتهم وتوفير نمط الحياة الذي يتجاوز القدرات المادية للأسرة.
وقال: “هذا الإكراه الاجتماعي يمارس بشكل غير مباشر على الآباء، ما يؤدي إلى قلق وعدم استقرار داخل الأسرة، وقد يصل أحيانا إلى العنف نتيجة عدم القدرة على تلبية هذه المتطلبات”.
مواجهة الظاهرة
ومن جهة أخرى، أشار مصطفى السعليتي إلى أن هذا الوضع يتطلب استجابة شاملة من المؤسسات التعليمية والإعلامية في المغرب، وتحدث عن ضرورة تشجيع القراءة وزيادة الوعي الثقافي لدى الأجيال الجديدة، مع التركيز على ضرورة التوازن بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي.
وأكد الخبير نفسه، على أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الأسر، بل يجب أن تتضافر جهود الدولة والمجتمع المدني للحد من هذه الظواهر، مع تعزيز دور المدارس والجامعات في تشجيع الطلاب على القراءة والتفكير النقدي.
التعليقات 0