“ما مزوجة ما مطلقة” هي عبارة لازالت تلتصق بالعديد من النساء في المجتمع المغربي، يعشن بين الحيرة من مستقبل زواجهن وبين المسؤولية الثقيلة التي يتحملنها في تربية أطفالهن، ويواجهن العديد من الأسئلة التي لا يجدن لها إجابة: “أين هو زوجك؟”، “هل أبناءك من زواج أم من زنا؟”، وغيرها من الأسئلة الجارحة. وفي خضم هذه الأحكام الاجتماعية، تستمر هذه الفئة من النساء في تحمل مسؤوليات شاقة دون أي دعم حقيقي، في وقت تتزايد فيه الضغوط المالية والنفسية عليهن.
وفي هذا السياق، أجرى “آش نيوز” حوارا مع نزهة الصقلي، رئيسة جمعية “أوال – حريات” ووزيرة التضامن والأسرة السابقة، التي سلطت الضوء على عدد من القضايا المتعلقة بالنساء العازبات، اللاتي يعشن في وضعيات صعبة تحتاج إلى تدخل عاجل من القانون والمجتمع.
ما هي وضعية النساء اللواتي ينعتن بعبارة “ما مزوجة ما مطلقة”؟
هن أمهات عازبات، وفئة من النساء اللاتي يتحملن مسؤولية تربية أبنائهن بمفردهن بعد أن تخلى عنهن شركاؤهن أو غابوا عن حياتهن، ويواجهن تحديات جسيمة في توفير احتياجات أطفالهن اليومية، ويعشن في حالة من عدم اليقين، حيث تظل أسئلة مثل “هل سيعود الزوج؟” أو “هل أتخذ قرار الطلاق؟” تراودهن باستمرار، وغالبا ما يعانين من ضغوط مالية ونفسية بسبب غياب الدعم المادي من الأب أو المجتمع، ويسعين جاهدات لتوفير حياة كريمة لأطفالهن رغم الصعوبات التي يواجهنها. ورغم كل تلك التحديات، يظل حب الأم لأبنائها هو المحرك الأساسي لهن، وهو ما يدفعهن للاستمرار في تحمل المسؤوليات الثقيلة.
لماذا تجد النساء العازبات صعوبة في الولوج إلى العدالة؟
النساء العازبات يواجهن صعوبات عديدة في الوصول إلى العدالة بسبب التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهنها، فالكثير منهن يتم التخلي عنهن من قبل شركائهن، ويتركن بمفردهن مع أطفالهن دون أي دعم، ويواجهن أسئلة جارحة من المجتمع ليجبرن على القول بأنهن لم يرين أزواجهن منذ سنوات، ويجدن صعوبة في التنقل من القرى إلى المدن لتقديم شكاوى قانونية، بالإضافة إلى عبء التكاليف القانونية، ورغم محاولاتهن، يواجهن صعوبة في الحصول على الدعم الكافي من المؤسسات الرسمية، مما يزيد من معاناتهن ويجعل الوصول إلى العدالة أمرا صعبا ومعقدا.
كيف يمكن إنصاف هذه الفئة من النساء؟
أولا، يجب على القضاء أن يتعامل مع قضايا النساء العازبات بالعناية اللازمة، كما ورد في توصيات الأمم المتحدة بخصوص التشريعات المتعلقة بالنساء، ويجب أن تتأسس خلايا خاصة في المحاكم تهتم بمشاكل النساء وتساعدهن في حل قضاياهن الإدارية والقانونية، ومن المهم أن تتوفر لهذه النساء المساعدة القانونية والاجتماعية التي يحتجنها، خاصة أن الأمر يتعلق بمستقبلهن ومستقبل أطفالهن، ولا ينبغي ترك المرأة في هذه الوضعيات الصعبة دون أمل أو دعم، بل يجب توفير آليات قانونية تسهم في تخفيف معاناتهن.
لماذا لا يزال المجتمع يفتقر إلى تقدير دور المرأة وتضحياتها؟
المجتمع المغربي اليوم بحاجة إلى وعي أكبر بأهمية الدور الذي تلعبه المرأة في الأسرة والمجتمع، فرغم أن النساء يقمن بأدوار متعددة، إلا أنهن لا يحصلن على الاعتراف الكافي ولا يقدر دورهن كما يجب. ففي كثير من الأحيان، ينظر إليهن على أنهن “الحائط القصير” أو الحلقة الضعيفة في الأسرة، بينما يعطى الرجل أهمية أكبر كـ”رب الأسرة الوحيد”، ولهذا، من الضروري أن يحصل الرجال، وكذلك المجتمع بشكل عام، على وعي أكبر بتقدير دور المرأة في التربية والرعاية وإدارة شؤون الأسرة، فالمرأة تقدم تضحيات كبيرة من أجل أطفالها، ويجب أن يظهر الرجال والشباب احترامهم لهذا الدور ويقولوا “شكرا” للمرأة على كل ما قدمته من تضحية، نظرا لأن تقدير هذا الدور هو خطوة هامة نحو مجتمع أكثر عدلا وإنصافا.
التعليقات 0