تحول الموقف الروسي من الصحراء المغربية يربك الجزائر
موسكو تنتقل من دعم الجزائر إلى تبني نهج متوافق مع قرارات مجلس الأمن

في الوقت الذي أثارت فيه الجزائر ضجة دبلوماسية عقب تغير مواقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا من نزاع الصحراء المغربية، التزمت الصمت التام تجاه التحول الملحوظ في موقف روسيا، القوة العالمية التي كانت تقليديا منحازة لمواقف الجزائر.
ورغم عدم إعلان موسكو رسميا عن تغيير استراتيجيتها بخصوص هذا الملف، إلا أن تحليل مواقفها خلال الـ15 عاما الأخيرة يظهر انتقالها من دعم الجزائر إلى تبني نهج أكثر انسجاما مع قرارات مجلس الأمن الدولي، مما يعكس تحولا دبلوماسيا في كيفية تعاطيها مع هذا النزاع الإقليمي.
روسيا تقترح دور الوسيط وتدعم الحل السياسي التفاوضي
وأوردت صحيفة “لاراثون” البيروفية أن موسكو، في إطار تعزيز نفوذها في القارة الإفريقية وسط منافسة مع القوى العالمية الكبرى، اقترحت الاضطلاع بدور الوسيط في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استعداد بلاده لمساعدة المغرب في حل التحديات الإقليمية، بما في ذلك قضية الصحراء، مشددا على ضرورة التوصل إلى حل سياسي تفاوضي وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وهو الموقف الذي يتماشى مع الموقف المغربي المستند إلى مبادرة الحكم الذاتي.
روسيا تعيد تموضعها وتدرك أهمية المغرب الاستراتيجية
ووفق الصحيفة، فإن تصريحات لافروف تعكس تحولا دبلوماسيا واضحا، حيث أشار محللون إلى أن هذا التغيير ينسجم مع اعتراف موسكو بالدور الاستراتيجي للمغرب في القارة الإفريقية، وأهمية الحفاظ على استقرار المنطقة بعيدا عن أطروحات الانفصال.
كما أوضحت الصحيفة أن الموقف الروسي الجديد يتماهى مع قرارات مجلس الأمن منذ 2007، التي تستبعد نهائيا خيار الاستفتاء، وتدعم التوصل إلى حل سياسي توافقي، وهو ما يتطابق مع طرح المغرب بشأن الحكم الذاتي.
موسكو تنافس القوى الكبرى في إفريقيا وتعزز علاقاتها بالرباط
ويأتي هذا التحول في سياق التنافس الجيوسياسي بين القوى العالمية، حيث تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في شمال إفريقيا من خلال علاقاتها المتنامية مع المغرب، الذي يعد شريكا رئيسيا في الاستقرار والتنمية بالقارة.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا التموضع الجديد يضع روسيا في موقع قوة، حيث تقدم نفسها كفاعل دولي قادر على المساهمة في حل النزاعات بعيدا عن المنطق الأحادي القطب الذي تتبناه بعض القوى الغربية.
اعتراف عالمي متزايد بمخطط الحكم الذاتي المغربي
إلى جانب الموقف الروسي، تؤكد الصحيفة أن أكبر القوى العالمية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، قد دعمت المغرب في هذا النزاع، مشيرة إلى أن هذا الدعم يعكس إجماعا متزايدا حول سيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية.
وأبرزت الصحيفة أن هذا التحول في المواقف الدولية أدى إلى تعزيز مكانة المغرب على الساحة العالمية، ما جعل مخطط الحكم الذاتي الخيار الوحيد الجدي والقابل للتطبيق وفق دعم المجتمع الدولي.
بيرو.. هل تلتحق بركب الاعتراف بالشرعية الدولية؟
وفي ختام تحليلها، تساءلت صحيفة “لاراثون” البيروفية عن موقف بلادها، مشيرة إلى أنه مع التغيير الروسي، والدينامية الدولية الداعمة للمغرب، حان الوقت لتحديد موقف بيرو.
وأضافت الصحيفة أن دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل وشيلي والسلفادور وغواتيمالا وبنما قد اعترفت بسيادة المغرب على صحرائه، مما يطرح التساؤل، هل ستواصل بيرو تجاهل هذا الواقع أم أنها ستنضم إلى الاتجاه العالمي الداعم للشرعية الدولية ومبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع؟
تعليقات 0