في خطوة غير مسبوقة تعكس القلق المتزايد من واقع أمني مضطرب، دعت المفوضية الأوروبية مواطني دول الاتحاد الأوروبي إلى تخزين كميات كافية من الطعام والمستلزمات الأساسية لمدة لا تقل عن 72 ساعة تحسبا لأي طارئ، مؤكدة على ضرورة اعتماد “عقلية جديدة” قائمة على الاستعداد والصمود أمام التحديات المستقبلية.

وجاء في توجيهات المفوضية، الصادرة في وثيقة من 18 صفحة، أن أوروبا تواجه وضعا متغيرا يتميز بعدم اليقين وتعدد المخاطر، أبرزها الحرب الروسية على أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة والهجمات السيبرانية، إضافة إلى أعمال تخريب تستهدف البنية التحتية الحيوية للدول الأعضاء.

التحذير من المرحلة الأولى للأزمات

وأوضحت المفوضية أن اللحظات الأولى من اندلاع أي أزمة تمثل المرحلة الأكثر حرجا، ما يتطلب من المواطنين اتخاذ خطوات عملية لضمان أمنهم الذاتي، من بينها تخزين المواد الأساسية لثلاثة أيام على الأقل، إلى جانب تعزيز ثقافة الاعتماد على النفس والقدرة النفسية على التكيف مع الأوضاع الصعبة.

من المدارس إلى المنازل.. ثقافة الاستعداد للأزمات

وأوصت المفوضية الأوروبية بإدماج دروس ومهارات التهييء للأزمات في المناهج الدراسية، تشمل طرق التعامل مع المعلومات الكاذبة والتضليل، وهو ما يهدف إلى إعداد جيل قادر على الصمود المعلوماتي والذهني في مواجهة التحديات القادمة.

رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين شددت على أن “الواقع الجديد يتطلب من أوروبا جاهزية جديدة”، مؤكدة أن مواطني الاتحاد والمؤسسات الاقتصادية والحكومية يحتاجون إلى أدوات حديثة للوقاية من الأزمات وضمان استجابتهم السريعة عند حدوثها.

رسالة واضحة: الاستعداد لمواجهة تهديدات خطيرة

وفي سياق متصل، تعد هذه المبادرة نداء مباشرا للدول الأعضاء لتقوية أنظمتها الأمنية والعسكرية، خاصة مع تزايد المخاوف من التهديد الروسي المستمر، في ظل مواقف دولية متغيرة تتسم أحيانا بالتذبذب، لا سيما خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي ضغط على الأوروبيين لتحمل مسؤوليات أكبر داخل حلف شمال الأطلسي، وخصوصا في ملف الحرب الأوكرانية.

استراتيجية “اتحاد الاستعداد الأوروبي” تدخل حيز التنفيذ

وتحمل الخطة الاستراتيجية التي أطلقتها المفوضية الأوروبية تحت اسم “اتحاد الاستعداد الأوروبي” طابعا شاملا، وتهدف إلى تعزيز المرونة الداخلية للاتحاد، عبر إجراءات واقعية تشمل تجهيز المخزون الغذائي، ورفع الجاهزية السيبرانية، وتكثيف التعاون بين المؤسسات المدنية والعسكرية.

ويأتي هذا التحذير في وقت يشهد فيه العالم سلسلة من الاضطرابات الجيوسياسية غير المسبوقة، مما يسلط الضوء على أهمية الاستعداد المسبق من أجل تفادي الوقوع في أزمات خانقة على مستوى الغذاء والأمن والطاقة في القارة العجوز.