هل يتحول نجل شنقريحة إلى “خاشقجي الجزائر” في قلب باريس؟
تحقيقات تكشف نشاطا استخباراتيا جزائريا في فرنسا وتهديدا للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين

أزمة دبلوماسية جديدة تلوح في الأفق بين فرنسا والجزائر، بعد الكشف عن معطيات صادمة حول نشاط أمني سري يقوده شفيق شنقريحة، نجل رئيس أركان الجيش الجزائري، من قلب العاصمة الفرنسية باريس، حيث يشغل منصب الملحق العسكري بسفارة بلاده.
وفجرت هذه المعطيات في تقرير مفصل، صحيفة ساحل أنتليجنس الفرنسية، المتخصصة في الشؤون الأمنية، مؤكدة أن شفيق لا يمارس فقط مهامه الدبلوماسية، بل يقود عمليات استخباراتية تستهدف المعارضين الجزائريين المقيمين في أوروبا، وعلى رأسهم المؤثر المعروف أمير بوخرص، الملقب بـ Amir DZ، الذي لجأ إلى فرنسا هربا من المتابعات القضائية في الجزائر.
ذراع استخباراتي جزائري يتحرك في باريس
وأشار التحقيق الصحفي إلى أن شفيق شنقريحة يدير شبكة تجسس معقدة تنشط من داخل السفارة الجزائرية في باريس، وتركز على ملاحقة المعارضين السياسيين باستخدام وسائل تقنية متطورة. وتمتد هذه الشبكة، وفق ذات المصدر، إلى بعض العاملين الرسميين داخل القنصليات، حيث تم اعتقال موظف في القنصلية الجزائرية بمدينة كريتاي ضمن عملية فرنسية واسعة.
ووصفت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب في فرنسا العملية بأنها “اختطاف واحتجاز ضمن إطار شبكة إجرامية على صلة بالإرهاب”، ما يضع السلطات الجزائرية في موقف محرج أمام شركائها الأوروبيين.
وصرح وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، بأن “الاختطاف موثق، والمتورط موظف رسمي بالقنصلية الجزائرية”، في تصريح يعكس حجم الصدمة داخل المؤسسات الفرنسية من تنامي نفوذ أجهزة الأمن الجزائرية فوق أراضيها.
الجزائر تطرد دبلوماسيين فرنسيين… وباريس تلوح بالتصعيد
رد الجزائر لم يتأخر، إذ أقدمت على طرد 12 مسؤولا فرنسيا، بينهم دبلوماسيون وعناصر أمنية، من أراضيها، في خطوة اعتبرتها باريس “انتقامية”، خصوصا بعد توقيف المتورطين في الشبكة المشار إليها.
وزير الخارجية الفرنسي، جان نوال بارو، وصف قرار الطرد بأنه “رد فعل مباشر على توقيف مواطنين جزائريين”، مشيرا إلى احتمال اتخاذ إجراءات مماثلة من الجانب الفرنسي، ما ينذر بأزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين.
ولم يتأخر الرد، بحيث أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون قرر استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر، ستيفان روماتي، يوم أمس الثلاثاء للتشاور، في خطوة تعكس حجم التوتر. كما كشف بلاغ صادر عن قصر الإليزي عن طرد 12 موظفا يعملون في القنصليات والسفارة الجزائرية بفرنسا، وذلك ردا على الإجراء المماثل الذي اتخذته الجزائر، ويأتي هذا التصعيد المتبادل ليزيد من تعقيد الأزمة الدبلوماسية ويدخل العلاقات الثنائية في نفق أكثر تأزيما.
توتر مزمن منذ دعم باريس للمقترح المغربي
ويذكر أن العلاقات بين الجزائر وباريس تمر بأزمة ممتدة منذ صيف 2024، عقب إعلان فرنسا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. أعقب ذلك سلسلة من التوترات شملت استدعاء السفراء، تصاعد الخلافات حول ملف الهجرة، واعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي لا يزال رهن الاعتقال في الجزائر.
وبدأت التقارير الأمنية الفرنسية تتحدث عن “دولة داخل الدولة” تمارس أنشطة غير قانونية داخل الاتحاد الأوروبي، إذ تعتبر السلطات الجزائرية أن ملاحقة المعارضين بالخارج باتت خيارا استراتيجيا لحماية النظام.
هل تتكرر مأساة خاشقجي بآخر جزائري؟
بعض المراقبين شبهوا قضية Amir DZ بما جرى للصحافي السعودي جمال خاشقجي، في ظل تقارير عن محاولات اختطاف غامضة وتحركات مشبوهة لدبلوماسيين جزائريين في فرنسا وبلجيكا.
ورغم أن المشهد لا يزال يتشكل، إلا أن المعطيات الحالية تضع نجل الجنرال شنقريحة في واجهة الاتهامات، كواجهة للذراع الأمنية الجزائرية في أوروبا، وهو ما يمهد لانفجار دبلوماسي قد تكتب فصوله بلغة المحاكم، لا الدبلوماسية.
تعليقات 0