أشعلت مقابلة المؤرخ الجزائري محمد بلغيث مع قناة سكاي نيوز عربية فتيل أزمة دبلوماسية بين الجزائر والإمارات العربية المتحدة، حيث استغلت الجزائر الواقعة لتشن حملة إعلامية وسياسية واسعة ضد أبو ظبي، لكنها في الحقيقة لم تكن سوى القشة التي قصمت ظهر البعير.

دعم إماراتي صريح لمغربية الصحراء

وفي قلب الأزمة، يقف الموقف الإماراتي الثابت والمعلن بدعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو موقف يحظى بإجماع من دول مجلس التعاون الخليجي. هذا الموقف يمثل نقطة توتر رئيسية مع الجزائر، التي تساند جبهة البوليساريو وتعارض الوحدة الترابية للمغرب.

وتعززت العلاقات الاستراتيجية بين الرباط وأبو ظبي بشكل غير مسبوق، خاصة بعد زيارة العاهل المغربي محمد السادس إلى الإمارات، والاجتماع السري الذي جمعه بالرئيس الإماراتي محمد بن زايد والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. الاجتماع ناقش مبادرة الملك محمد السادس الأطلسية لدول الساحل وخط أنابيب الغاز المغربي-النيجيري الممول إماراتيا، وهما مشروعان يغيران معادلات القوة في المنطقة، ما أثار قلق الجزائر، التي تعتمد على صادرات المحروقات بشكل شبه مطلق.

اتهامات جزائرية باتصالات إماراتية مع حركة الماك

وتشير تقارير ودراسات، منها دراسة لمعهد G.H أعدها عبد الكريم اليماني، إلى اتصالات مزعومة بين دبلوماسيين إماراتيين وحركة الماك التي تطالب باستقلال منطقة القبائل، وهو ما تعتبره الجزائر تهديدا لوحدتها الوطنية. المفارقة هنا أن الجزائر التي ترفع لواء دعم تقرير المصير لحركات مثل البوليساريو تجد نفسها ترفض أي مساس بوحدتها من الداخل.

وإلى جانب الملف الصحراوي، تختلف الجزائر والإمارات بحدة حول قضايا إقليمية أخرى، وعلى رأسها الملف الليبي، حيث يدعم الطرفان أطرافًا متنافسة. كما أن انخراط الإمارات في تحالف الساحل يثير مخاوف الجزائر من تهميش دورها الإقليمي.

قراءة في خلفيات الأزمة

ويتضح أن الحملة الجزائرية الأخيرة على الإمارات لم تكن نتيجة لحادثة سكاي نيوز وحدها، بل هي تعبير عن أزمة أعمق لنظام سياسي يشعر بأنه محاصر إقليميا ودبلوماسيا. فالإمارات لم تستجب لمحاولات الجزائر تطويق الخلاف، وأبقت على مواقفها الحادة والثابتة، ما جعل قصر المرادية يرفع مستوى التوتر إلى أقصى درجاته.