في خطوة دبلوماسية لافتة، أسقطت روسيا الجزائر من قائمة الدول المدعوة لحضور احتفالات “يوم النصر” التي أقيمت يوم أمس الجمعة بموسكو، وهو اليوم الذي يحمل رمزية كبيرة في الذاكرة الروسية، ويخصص عادة لاستضافة الحلفاء الاستراتيجيين للكرملين.

وأفادت مصادر مطلعة أن استبعاد الجزائر من هذه المناسبة لم يكن قرارا عشوائيا، بل حمل رسائل سياسية واضحة حول مكانة الجزائر المتراجعة في الخارطة الدبلوماسية الروسية، رغم كونها حليفا تقليديا لموسكو في الماضي. وعلى عكس الجزائر، حظيت دول الساحل مثل مالي وبوركينا فاسو ونيجيريا باستقبال دافئ ومكانة رمزية بارزة في المراسيم، ما عد بمثابة إعادة رسم لخريطة النفوذ الروسي في إفريقيا.

لافروف: “نثمن الشراكات الواقعية”

وفي تصريح مقتضب على هامش الاحتفال، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تثمن الشراكات التي تترجم على أرض الواقع، في إشارة مبطنة فسرها مراقبون على أنها نقد للسياسة الخارجية الجزائرية التي وصفت مؤخرا بالغموض والتردد في المواقف المصيرية، خصوصا في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية والحرب في أوكرانيا.

واعتبر محللون أن غياب الجزائر عن هذه المناسبة البارزة لا يفسر فقط كبروتوكول دبلوماسي، بل يكشف عن تراجع دورها الإقليمي والدولي، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات كبرى وتحالفات جديدة أكثر جرأة وانخراطا في المشهد الدولي. ولم تصدر الجزائر أي رد رسمي حتى الآن، وهو ما فسره مراقبون بأنه صمت يعكس تلقي رسالة دبلوماسية قاسية تنذر بفقدان المزيد من النفوذ لصالح قوى صاعدة في إفريقيا.

رسالة روسية تعيد ترتيب التحالفات

وتؤشر هذه الخطوة، بحسب مصادر دبلوماسية، إلى تحول عميق في أولويات السياسة الروسية بإفريقيا، حيث باتت موسكو تفضل شركاء ينخرطون فعليا في رؤيتها الإستراتيجية، بينما تجد الجزائر نفسها في موقع دفاعي بعد عقود من موقع الحليف المميز، في مشهد يعكس تصدع حضورها في المحافل الدولية الكبرى.