لا زال المغاربة، بقلب مفطور، يعيشون تحت تأثير صدمة مقتل أبناء وطنهم في المياه الإقليمية الجزائرية، والتي دخلوها عن طريق الخطأ، حيث تم استقبالهم بالرصاص من قبل عناصر خفر السواحل الجزائرية، ما أودى بحياتهم على الفور. واليوم، يحيل هذا الحادث المأساوي إلى سؤال مركزي يخص مصير هذه الأزمة الثنائية، والتي تزيد من لهيبها الجزائر، التي لا تتوقف عن عدوانها ضد المغرب واستفزازها المستمر.
إستراتيجية عدوان غير مبرر
هو جرم غير مقبول، يوضح المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، عصام العروسي، مؤكدا، في اتصال مع موقع آش نيوز، أن الحادثة تدل على استفزاز غير مقبول من الجهات الرسمية الجزائرية في حق ضحايا مدنيين تاهوا في الطريق وليست لديهم هويات مشكوك فيها، بل أكثر من هذا، هم أناس كانوا يستمتعون بوقتهم في الشاطئ، لكن للأسف الإستراتيجية الجزائرية في معالجة مثل هكذا أوضاع، استراتيجية عدوانية، إذ لم يكن هناك أي داع لاستخدام العنف ضد أشخاص تائهين ما بين الحدود البحرية، وكان من الواجب عدم التعامل بهذا النوع من التهور.
استفزاز تصاعدي
وأضاف العروسي، في الاتصال نفسه، أن السلوك الجزائري هو استفزاز تصاعدي، فالجزائر من خلال هذا السلوك تحاول أن تصل إلى مستوى المواجهة، لكن المغرب من خلال الآلية الدبلوماسية التي يتبع، أو من خلال تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة، لم يصدر عنه إلى الآن أي تعليق على هذا السلوك اللا إنساني، إذ اكتفت السلطات المغربية بالتأكيد أن الموضوع سوف يعرض على القضاء، وهذا المسلك القانوني هو مسلك سليم جدا على اعتبار أن التحقيقات سوف تسفر عن تحديد هوية المعتدين، وأن كل الأمور سوف تتضح من خلال التحقيقات.
وأشار العروسي إلى أن المغرب، من خلال هذا المسلك، يبتغي شيئين أساسين، عدم التصعيد، وثانيا اتباع المسلك القانوني الذي يسمح بإعطاء الفرصة للقضاء الذي لديه الصلاحيات للفصل في الموضوع، إذ أن المغرب، رغم أنه لا يريد التصعيد، لكنه لا يتنازل عن حقوق مواطنيه.
القانون الدولي يرفض العنف
وبخصوص القانون الدولي، قال العروسي إنه يعطي الصلاحيات للدولة في إطار مياهها الإقليمية، وفي هذه الحالة، فإن ما حصل، أي خطأ هؤلاء المجموعة من الشباب ودخولهم مياه إقليمية لبلد آخر، يحيل على نص ضمن القانون الدولي الذي يتحدث عن المرور البريء للسفن التي تمر عبر الحدود ولا يمكن أن يتم التعامل معها بعدوان، وحتى في حالة الشباب المعنيين، فاستخدام العنف في القانون الدولي غير منصوص عليه تماما.
وأوضح المحلل السياسي أنه حتى في حالة الهجرة السرية أو خرق لقوانين الهجرة ولقوانين الحدود، يجب على الدولة أن تتعامل بالقانون واتباع الوسائل القانونية، كالاعتقال وفتح تحقيق مع هؤلاء الأشخاص لكشف الظروف والملابسات التي دفعتهم إلى التيه في المياه الإقليمية الجزائرية، وبعد أن يتبين لها أن هؤلاء الأشخاص ليست لهم أي دوافع مخالفة أو معادية للبلد يجب إطلاق سراحهم.
وأضاف العروسي أن القانون الدولي يشير إلى الإجراءات القانونية والمدنية، إذ لا يسمح بأي حال من الأحوال باستخدام العنف ضد المدنيين، إذ هناك أيضا اتفاقية جنيف التي تؤكد على عدم مواجهة المدنيين باستخدام أسلحة كيفما كانت الظروف، كما لا يمكن مواجهة أشخاص مدنيين باستخدام الأسلحة واللجوء مباشرة إلى العنف بدعوى السيادة، وبدعوى أن هؤلاء الأشخاص وجدوا ضمن دائرة المياه الإقليمية للجزائر مثل ما حدث في واقعة السعيدية.
التعليقات 0