تحولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة، إلى حلبة صراع بين حركتين افتراضيتين ذكورية ونسوية مزورة، يحركهما الكره والغضب، وتدعيان خدمة غاية محددة، بعيدة كل البعض عن المضامين التي تروجان لها.
ويتعلق الأمر بمجموعتي الـ”ريد بيلred pill” أي “الحبة الحمراء”، وهي الحركة الذكورية التي تناهض فلسفة النسوية، وتشحن متتبعيها بأفكار محرضة للكره ضد النساء، ونقيضها من مجموعات “أنتي ريد بيلanti red pill”، التي تقودها نسويات مزورات، تدعين محاربة فكر الـ”ريد بيل”، بينما تنشرن بدورهن أفكارا مشحونة بالحقد ضد الرجال.
الريد بيل
تأسست فلسفة الريد بيل، وفق بعض التنظيرات الذكورية الأولية، في بدايات القرن 21، وكانت انطلاقتها الفعلية كحركة ذكورية بالغرب في 2015، ثم قبل سنتين أو ثلاث على الأكثر في العالم العربي.
يختصر زعماء هذه الحركة، وظيفتها، في “توعية الرجال بالقوانين النسوية و الأيديولوجيا الأنثوية الطاغية على العالم، والتعريف بأهم أسسها وركائزها و أساليبها، و شرح طبيعة الأنثى و كيفية تفكيرها، إضافة إلى توعية الرجال بالدعم الإعلامي و الطرق التي قد تستعملها بعض النسويات لجعل الرجل مستعبدا لدى المرأة”.
أما عن اسمها الغريب “الريد بيل”، فقد اقتبس من مشهد في الفيلم الأمريكي المصفوفة The Matrix من إنتاج 1999، حيث يقدم أحدهم لبطل الفيلم حبتي دواء، إحداهما حمراء و الأخرى زرقاء، الحبة الزرقاء تمثل الغفلة و الراحة، تناولها يؤدي بصاحبها الى البقاء على حاله غافلا عن الحقيقة لأجل الراحة، بينما تمثل الحبة الحمراء الحقيقة و الوعي مع الصدمة والمشقة، فتناولها يؤدي بصاحبها إلى الخروج من الغفلة و العلم بالحقائق وإن كانت هذه الحقائق صادمة وشاقة على النفس.
كره النساء
في المغرب، انحرفت حركة الريد بيل عن وظيفتها لتتكرس في مجموعات فيسبوكية يقودها عدد من الذكور، بعضهم لا يتبنى أي مرجع فكري ما عدا كره النساء، فيدعون الرجال تبخيس قيمتهن وتوجيه اهتماماتهم وطاقاتهم التي تضيع في العلاقات مع الأنثى إلى مصالحهم الشخصية، ناهيك تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في المسؤولية المادية والمهر المشترط في الدين الإسلامي.
ويرى منتسبو هذه الحركة الذكورية، أنها ردة فعل طبيعية على ما أطلقوا عليه اسم “التغول النسوي” في المجتمع، حيث يحاول المنتسبون لها تمرير بعض الأفكار كشرح طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، وتسليط الضوء على القوانين “المجحفة” بحق الرجل في مؤسسة الزواج، كما يدعون، الشيء الذي أثار صراعا بين هذه الحركة ونظيرتها النسوية، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
أطروحات فارغة
وفي هذا السياق، ترى فدوى مسك، الصحافية والكاتبة والناشطة الحقوقية، أن إيديولوجية الحركة الذكورية في المغرب، مازالت منحصرة في ضخ الكراهية ومجموعة من الأفكار السلبية في نفوس الذكور بالعالم الافتراضي، خاصة الشباب.
واعتبرت فدوى مسك، في اتصال مع “آش نيوز”، النقاشات الافتراضية لهذه المجموعات الذكورية المغربية، مجرد كلام مقاه، مؤكدة أن حركة “ريد بيل” الحقيقية، تأسست على دراسات يقودها مفكرون لهم مواقف علمية على مستوى التفكير، رغم أنهم ضد الحركة النسوية.
وعن صراع البعض البعض ممن تدعين انتسابهن للحركة النسوية، مع نشطاء الـ “ريد بيل”، تابعت فدوى مسك حديثها قائلة إن “النقاش بينهم عقيم هدفه تفريغ الحقد والكره في حق الجنس الآخر، عبر سب وشتم الرجال ومناقشة بعض الأطروحات الفارغة”.
نضال رقمي
وأبرزت فدوى مسك، في الاتصال نفسه، أن المجموعات الفيسبوكية المسيرة لهذه الحركات، سواء النسوية أو الذكورية، تجسد فئة مناضلة دون مرجع ولا أساس متين، مبرزة أن الأمر يتعلق بنضال رقمي غير مبني على أسس صحيحة أو إيديولوجيات تستحق تسليط الضوء عليها.
وأشارت فدوى مسك إلى أهمية المرجع الفكري، مؤكدة أن معظم دوافع هذه المجموعات تأتي من منطق الكره المحرك للعنف ضد النساء، وهي الظاهرة التي نعيشها إلى حدود الساعة، والتي كانت من أساسيات بروز الحركة النسوية بمعناها الحقيقي.
وختمت الحقوقية فدوى مسك حديثها مع “آش نيوز” قائلة: “يجب الوعي بالواقع، وبحقيقة العلاقات، بدل الصراعات بين الطرفين. هذه المجموعات يمكن أن تشكل خطرا على المجتمع، كما قد تكون مجرد موجة ستمر”.
التعليقات 0