زيارة ماكرون المرتقبة.. مرحلة جديدة في العلاقات المغربية-الفرنسية
بناء على دعوة من الملك محمد السادس، يتوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، برفقة بريجيت ماكرون، إلى المملكة المغربية في زيارة رسمية من 28 إلى 30 أكتوبر الجاري. زيارة قد تكون قصيرة في مدتها لكنها تحمل دلالات عميقة تعكس عمق العلاقات المغربية-الفرنسية التي تطورت عبر قرون من التعاون في المجالات السياسية، الاقتصادية، والأمنية.
تجديد الشراكة الاستثنائية
وتأتي هذه الزيارة في وقت حرج تتسم فيه الساحة الدولية بتغيرات عميقة، سواء من ناحية الأمن العالمي أو التحديات الاقتصادية. ويبدو أن الهدف الأساسي من هذه الزيارة هو تعزيز “الشراكة الاستثنائية” بين المغرب وفرنسا، والتي شكلت على مر السنين نموذجا للتعاون الثنائي بين شمال إفريقيا وأوروبا. ومن المنتظر أن يلتقي الرئيس الفرنسي بالملك في قصر المشور، حيث سيجري الطرفان مباحثات مكثفة تتناول عدة ملفات استراتيجية ذات أهمية بالغة لكلا البلدين.
الملفات المطروحة على الطاولة
التعاون الاقتصادي والاستثماري: يعتبر المغرب هو الشريك التجاري الأول لفرنسا في شمال إفريقيا، وفرنسا هي المستثمر الأجنبي الأول في المغرب. من المتوقع أن تتناول المباحثات تعزيز الشراكات في قطاعات جديدة ومبتكرة، مثل التحول الرقمي والطاقة المتجددة، مما يتماشى مع توجه المغرب نحو الاستدامة البيئية.
قضية الصحراء المغربية: تأخذ قضية الصحراء المغربية حيزا مهما في التعاون المغربي-الفرنسي، حيث تتبنى فرنسا موقفا داعما لخطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب كحل واقعي ومستدام للنزاع. وقد أكد ماكرون في رسالته للملك في عيد العرش على أن مستقبل الصحراء ينبغي أن يكون ضمن سيادة المغرب، مما يعزز من موقف باريس كحليف سياسي استراتيجي للرباط في هذه القضية.
التحديات الأمنية والهجرة: يعتبر الأمن والهجرة من أبرز الملفات الحساسة التي تواجه المغرب وفرنسا على حد سواء، حيث تعمل الدولتان على تعزيز التعاون لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتصدي للجريمة المنظمة. ومن المنتظر أن يناقش الملك محمد السادس وماكرون توسيع آفاق التنسيق الأمني، إضافة إلى تحسين أطر التعاون في مراقبة الحدود وتسهيل الإجراءات القانونية للهجرة المنظمة.
توثيق الشراكة في مجالات التعليم والثقافة
وفي ضوء الخطوات المتسارعة لتعزيز اللغة الفرنسية في المغرب، تهدف الزيارة إلى توقيع اتفاقيات جديدة في مجال التعليم، تشمل تقديم منح للطلاب المغاربة وزيادة عدد البرامج المشتركة في الجامعات الفرنسية. كما ينتظر أن تشمل الزيارة فعاليات ثقافية تجمع بين شخصيات مغربية وفرنسية، تأكيدا على الارتباط الثقافي العميق بين البلدين.
وتأتي زيارة ماكرون قبيل انتهاء فترة ولايته، مما يضفي عليها طابعا استثنائيا ويؤشر إلى استمرارية الدعم الفرنسي للمغرب في مجالات التعاون الحيوية. كما أن الزيارة تتزامن مع جهود مغربية مكثفة لتعزيز موقعها الإقليمي، سواء من خلال استقطاب الاستثمارات الأجنبية أو تطوير شراكات استراتيجية مع الدول الأوروبية.
آفاق واعدة لعلاقات أكثر تماسكا
وتفتح زيارة إيمانويل ماكرون للمغرب آفاقا جديدة لتوثيق الشراكة الثنائية بين الرباط وباريس، في وقت يشهد فيه العالم تحديات معقدة وتغيرات جذرية. إذ أن حرص الرئيس الفرنسي على تعزيز هذه العلاقات يؤكد على الدور المحوري للمغرب كحليف استراتيجي لفرنسا في شمال إفريقيا والمنطقة، ويعكس الطموح المشترك للبلدين نحو تحقيق الاستقرار والازدهار المستدام، حسب ما جاء في وثيقة توصل “آش نيوز” بنسخة منها.
تعليقات 0