المغرب يعزز ريادته في الساحل بمبادرات تنموية وأمنية
خبراء تشاتهام هاوس يشيدون بدور الرباط كجسر موثوق بين إفريقيا وأوروبا

في وقت تشهد فيه منطقة الساحل الإفريقي اضطرابات متواصلة، يبرز المغرب كواحد من أبرز الفاعلين الإقليميين الذين يحظون بتقدير دولي متزايد، بفضل نهجه الشامل الذي يدمج بين الأمن والتنمية الاقتصادية. جاء ذلك خلال ندوة نظمها المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدولية “تشاتهام هاوس”، خصصت لمناقشة موضوع: “استجابة شمال إفريقيا لتحديات الساحل”.
إشادة بدور الرباط في بيئة محفوفة بالمخاطر
وشهد النقاش تركيزا على التزام المغرب الدائم تجاه بلدان الساحل، إذ أكد الباحث البريطاني بول ميلي أن المغرب يتميز عن بقية دول شمال إفريقيا بجرأته في إرساء شراكات اقتصادية واستثمارية حقيقية رغم هشاشة الأوضاع الأمنية. وأضاف أن الرباط أثبتت أنها “جسر موثوق” بين الضفتين الإفريقية والأوروبية، مستحضرا قدرة المغرب على تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية بجانب العمل الأمني.
استراتيجية مغربية متكاملة تتخطى البعد الأمني
من جهتها، أبرزت انتصار فقيه، مديرة برنامج شمال إفريقيا والساحل في معهد الشرق الأوسط، أن المغرب ينهج رؤية متكاملة تجمع بين تعزيز الأمن وتطوير البنية التحتية والاستثمار في قطاعات واعدة كالفلاحة المستدامة والطاقة المتجددة. واعتبرت أن الرباط لا تكتفي بتقديم الدعم السياسي والأمني، بل تنقل خبراتها الاقتصادية إلى بلدان الساحل، مما يمنح تدخلها بعدا تنمويا طويل الأمد.
المبادرة الأطلسية.. بوابة الساحل نحو الأسواق العالمية
وحظيت المبادرة الملكية لتمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي باهتمام كبير خلال الندوة، حيث وصفها المشاركون بأنها مشروع استراتيجي سيحدث تحولا عميقا في بنية الاندماج القاري. وأكد المتدخلون أن هذه المبادرة ستكسر عزلة بلدان مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، عبر ربطها بشبكات التجارة العالمية، ما من شأنه تحفيز التنمية وخلق فرص عمل واسعة.
حضور تاريخي ورؤية مستقبلية
وشدد خبراء تشاتهام هاوس على أن قوة المغرب لا تستند فقط إلى مبادراته الحديثة، بل أيضا إلى عمق الروابط التاريخية والدينية والاقتصادية التي تجمعه بدول الساحل. واعتبروا أن الرباط ليست مجرد طرف خارجي، بل فاعل مندمج في نسيج المنطقة، يحمل رؤية استراتيجية تستشرف المستقبل وتراكم على إرث مشترك متجذر في التاريخ.
وفي ظل تقهقر أدوار بعض القوى التقليدية، يرى المراقبون أن المغرب يمضي بثبات ليصبح قاطرة الاستقرار والتكامل جنوب المتوسط، بفضل نهجه المتوازن وقدرته على التوفيق بين متطلبات الأمن وأولويات التنمية.
تعليقات 0