تحذيرات دولية من البوليساريو كتهديد أمني عابر للحدود
من العنف المنهجي إلى التطرف الجهادي.. جبهة البوليساريو تواجه اتهامات بالإرهاب وتقويض الأمن الإقليمي والدولي

يتفاقم القلق الدولي من الدور المتزايد الذي تلعبه جبهة البوليساريو في زعزعة الاستقرار بشمال أفريقيا ومنطقة الساحل، وفق تقارير وتحقيقات صادرة عن مراكز استخباراتية وأكاديمية مرموقة، بما فيها مؤسسات أوروبية وأمريكية بارزة. التحذيرات الأخيرة لا تقتصر على التوترات الإقليمية، بل تمتد إلى تهديدات حقيقية للأمن الأوروبي، خاصة في إسبانيا، بفعل ما تعتبره تقارير استخباراتية “تدويلا مقلقا للخطر الإرهابي”.
وعلى الرغم من ادعائها بأنها “حركة تحرير”، تكشف تقارير موثقة وشهادات متطابقة عن الوجه الحقيقي للبوليساريو ككيان قائم على العنف والتطرف، منذ نشأتها في سبعينيات القرن الماضي. وتوثق منظمات حقوقية، بالإضافة إلى تقارير الاستخبارات الإسبانية، عشرات حالات الاختطاف والاختفاء القسري والتعذيب ضد مدنيين في مدن جنوب المغرب، مثل السمارة وآسا الزاك، إلى جانب عمليات مسلحة طالت مواطنين إسبان وأوروبيين.
وقد اعترفت الحكومة الإسبانية رسميا، عام 2006، بوقوع أكثر من 290 اعتداء على رعاياها بين عامي 1971 و1986، شملت هجمات على قوارب صيد ومواقع فوسفات بوكراع، وأودت بحياة مدنيين بينهم الصياد سيليستينو إنريكيز الذي قتل عام 1981، وهي الجريمة التي لا تزال ابنته ماريا تطالب بكشف حقيقتها. وتؤكد هذه الوقائع أن البوليساريو لم تكن في يوم من الأيام مجرد حركة سياسية، بل تنظيم قائم على العنف المنهجي، يروج لشرعيته عبر خطاب وهمي للتحرير.
استمرار الاعتداءات وتوسع رقعة التهديدات
الهجمات لم تتوقف، بل تجددت في أكتوبر 2023، حين استهدفت البوليساريو أحياء سكنية في مدينة السمارة، ما خلف قتلى وجرحى، في مؤشر واضح على أن سلوك العنف لا يزال جزءا من بنيتها التنظيمية. وهو ما يعيد تسليط الضوء على خطورة تساهل بعض الأطراف الدولية مع أنشطة هذا التنظيم، رغم تراكم الأدلة على صلته المباشرة بالتنظيمات الإرهابية.
وتزداد خطورة البوليساريو حين ينظر إليها في ضوء علاقتها بالجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، وارتباط بعض عناصرها بقيادات جهادية في داعش والقاعدة. ويبرز في هذا السياق اسم عدنان أبو الوليد الصحراوي، القيادي السابق في البوليساريو والذي أصبح زعيما لتنظيم الدولة في الصحراء الكبرى، مما يكشف بوضوح عن الدور الذي تلعبه الجبهة كقناة للتجنيد الجهادي.
وفي ظل هشاشة الأوضاع في مخيمات تندوف، حيث يعيش الشباب في أوضاع قاسية دون أفق، تتحول هذه البيئة إلى أرض خصبة للتطرف والتجنيد، لتصبح البوليساريو بؤرة للإرهاب العابر للحدود، تمتد تبعاته إلى أوروبا عبر شبكات الهجرة غير الشرعية، التي يحتمل استغلالها لتهديد الأمن الداخلي الإسباني والأوروبي.
مخيمات تندوف.. الهشاشة كوقود للتطرف
وتسلط تقارير المنظمات الحقوقية الضوء على ظروف العيش غير الإنسانية في مخيمات تندوف، حيث الفقر والبطالة وغياب الأمل، في ظل سيطرة البوليساريو وهيمنة الجزائر، ما يجعل آلاف الشباب عرضة للانجراف نحو التطرف. وتصف هذه البيئة بأنها “حاضنة مثالية” لتفريخ الجماعات الإرهابية، في ظل غياب أي رقابة دولية فعالة على ما يجري داخل المخيمات.
وفي مواجهة هذه المعطيات المقلقة، تتصاعد الدعوات داخل الأوساط السياسية والأمنية لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية. فالتاريخ الطويل من الانتهاكات، والارتباط الوثيق بالتنظيمات المتطرفة، وتهديد الأمن الإقليمي والدولي، كلها معطيات لم يعد بالإمكان تجاهلها.
ويعتبر خبراء الأمن الدولي أن هذا التصنيف من شأنه تجفيف منابع التمويل، وتقييد أنشطة الجبهة، وتجريدها من الشرعية السياسية التي تحاول التسويق لها. كما سيضع حدا لاستغلال المدنيين في مخيمات تندوف كرهائن ضمن نزاع إقليمي اختلط فيه السياسي بالإرهابي.
رد دولي مطلوب أمام تهديد ممنهج
إن المخاطر المتزايدة التي تطرحها جبهة البوليساريو لا تهدد فقط استقرار شمال أفريقيا والساحل، بل تشكل تهديدا جديا للأمن الجماعي في منطقة المتوسط. وأمام هذا التحدي، يظل الرد الدولي الحازم والمنسق السبيل الوحيد لاحتواء تداعيات هذا الخطر المتعدد الأوجه، والذي تحول من مجرد صراع سياسي إلى تهديد أمني عالمي.
تعليقات 0