ضغوط دولية تحاصر الجزائر وتربك علاقتها بالبوليساريو
المقترح الأمريكي لتصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية يعمق مأزق قصر المرادية ويهدد التوازنات الإقليمية

تشهد استراتيجية الجزائر الإقليمية هزات متتالية باتت تعكس تراجعا حادا في نفوذها، خاصة في علاقتها بجبهة البوليساريو، التي تحولت من أداة سياسية في يد النظام إلى عبء ثقيل يضغط على قصر المرادية في ظرفية دولية حساسة.
وقد بدأ المنعطف الحاد حين قدم النائب الجمهوري الأمريكي جو ويلسون مقترحا رسميا أمام الكونغرس لتصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية، وهو المقترح الذي لقي دعما متزايدا من مراكز بحث ومؤسسات إعلامية مؤثرة، من بينها معهد هودسون وصحيفة “واشنطن بوست”.
سقوط داعمين تقليديين وارتباك جنوب إفريقي
الموقف الانفصالي فقد الكثير من زخمه بعد أن سحبت كل من كينيا وغانا اعترافهما بالبوليساريو، مؤكدتين دعمهما لخطة الحكم الذاتي المغربية، وهو تحول دبلوماسي بالغ الأهمية بالنظر إلى رمزية هاتين الدولتين داخل القارة السمراء.
أما في جنوب إفريقيا، فقد سجل مراقبون بوادر تحول لافت داخل حزب “رمح الأمة” بقيادة الرئيس الأسبق جاكوب زوما، بعدما تضمنت وثيقة داخلية للحزب إشارات واضحة إلى إعادة النظر في الدعم غير المشروط للجبهة الانفصالية.
ضربة أوروبية لمصداقية الجزائر المالية
وفي موازاة ذلك، تعرضت الجزائر لضربة موجعة على المستوى المالي، بعدما أدرجها الاتحاد الأوروبي في قائمته السوداء للدول عالية المخاطر في مجال غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وجاء القرار الأوروبي استنادا إلى مراجعة شاملة لآليات الرقابة المالية داخل الجزائر، وهو ما ينذر بتداعيات سلبية على ثقة المستثمرين الأجانب، خاصة في ظل التراجع الحاد في أسعار المحروقات التي تشكل العمود الفقري لاقتصاد البلاد.
تبون يتملص.. والبوليساريو في مهب الريح
وفي هذا السياق الضاغط، تقف الجزائر أمام خيارين أحلاهما مر، إما التخلص التدريجي من البوليساريو بعد عقود من استغلالها كأداة سياسية ضد الوحدة الترابية للمغرب، أو الاستمرار في دعم مشروع الانفصال، مع ما يعنيه ذلك من تصعيد للعزلة الإقليمية والدولية والمخاطر العقابية.
وقد كانت تصريحات الرئيس الجزائري
قبل أشهر، حول وقف الدعم العسكري للجبهة، بمثابة إشارة أولى إلى هذا التراجع، وهو ما أكدته مؤخرا مجلة “جون أفريك” التي كشفت عن اتصال هاتفي أجراه تبون مع نظيره التونسي قيس سعيد، طالبا منه منح اللجوء لبعض قيادات البوليساريو.
هل تتخلى الجزائر عن الجبهة أم تبحث عن حليف بديل؟
الطلب غير المسبوق من تبون لتونس باستقبال عناصر الجبهة يطرح تساؤلات مثيرة حول نوايا الجزائر، هل هو تمهيد حقيقي للتخلي عن مشروع البوليساريو، أم محاولة لإعادة توزيع الأدوار في المنطقة بتوريط تونس في معركة استنزفت خزائن الجزائر وأربكت أمن المنطقة لعقود؟
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية وتكاثر الانتكاسات السياسية والاقتصادية، يبدو أن الجزائر تقف أمام لحظة مفصلية، عنوانها، إما التراجع التكتيكي أو الانفجار الاستراتيجي.


تعليقات 0