تحذيرات إسبانية من تجنيد شباب تندوف في داعش الساحل
تقارير استخباراتية تكشف تورط صحراويين من تندوف في قيادة تنظيمات جهادية وسط تزايد الدعم الدولي للمقترح المغربي

أثارت تقارير استخباراتية إسبانية حديثة، نشرتها أبرز الصحف الوطنية، قلقا متزايدا بعد كشفها عن انضمام عناصر شابة من مخيمات تندوف الواقعة في جنوب غرب الجزائر إلى الصفوف القيادية لتنظيم “الدولة الإسلامية” في منطقة الساحل، ما اعتبرته مصادر أمنية مؤشرا خطيرا على تفكك الاستقرار الإقليمي واتساع دائرة التهديدات الإرهابية في شمال إفريقيا.
وبحسب ما أورد الصحفي الإسباني المعروف إنريك خوليانا في صحيفة La Vanguardia، فإن الظروف المعيشية القاسية وغياب الأفق السياسي، إلى جانب عجز قيادة “البوليساريو” عن تقديم أي حل ملموس، جعلت من المخيمات الخمسة بتندوف أرضا خصبة لتجنيد الشباب العاطل واليائس ضمن الجماعات المتطرفة، في وقتٍ تستمر فيه الجزائر في تقديم الغطاء السياسي والدبلوماسي لهذه الجبهة.
التحول الجيوسياسي لصالح المغرب
ويتزامن هذا التحذير الاستخباراتي مع تصاعد الزخم الدولي المؤيد لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، والذي تبنته واشنطن ودعمه عدد من العواصم الكبرى مثل باريس وبرلين ولندن بوصفه حلا واقعيا وجديرا بالمصداقية. هذا التحول في المواقف جاء بعد أزمة استقبال إسبانيا لزعيم “البوليساريو” إبراهيم غالي في 2021، والتي فجرت خلافا دبلوماسيا انتهى بإعادة صياغة الموقف الإسباني تجاه الرباط.
وتحذر التقارير من أن تركيز الحلفاء الأوروبيين على الجبهة الشرقية، نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا، أدى إلى إغفال الجبهة الجنوبية، مما سمح لتنظيمات جهادية مثل “داعش” بالتمدد من شمال مالي حتى الحدود الجزائرية. ومع انسحاب القوات الفرنسية وتقدم مجموعة فاغنر الروسية في النيجر ومالي، باتت منطقة الساحل مسرحًا مفتوحًا لصراعات النفوذ.
قمة الناتو المقبلة على صفيح ساخن
ومن المتوقع أن يطرح ملف الأمن في الساحل والصحراء بقوة خلال القمة القادمة لحلف شمال الأطلسي، حيث ستدعو إسبانيا شركاءها في الحلف إلى عدم تجاهل التهديدات المتنامية القادمة من الجنوب، خصوصا ما يتعلق بالإرهاب والهجرة غير الشرعية والاختراق الروسي.
وفي إطار الحراك الأوروبي، كشفت صحيفة Corriere della Sera الإيطالية عن لقاء سري جمع بين رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ونظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني في ألبانيا، تناول عدة ملفات أمنية، بينها الوضع في شمال إفريقيا، في محاولة لتوحيد الرؤى بين بلدين مختلفين سياسيا، لكنهما متفقان على ضرورة تحصين الضفة الجنوبية للمتوسط.
المغرب: لاعب إقليمي في مواجهة الإرهاب
يرى مراقبون أن المغرب استثمر تداعيات أزمة غالي بشكل فعال، ليكرس حضوره كفاعل استراتيجي لا غنى عنه في المعادلة الأمنية جنوب المتوسط. ومع تكثيف التنسيق مع حلفائه الغربيين، بات الرباط شريكا رئيسيا في مواجهة أخطر التحديات الأمنية الإقليمية، خصوصا تلك المرتبطة بالهجرة، الإرهاب، والتمدد الروسي.
مخيمات خارج السيطرة تهدد مستقبل المنطقة
ورغم هذا التقدم المغربي، لا تزال المخيمات الصحراوية في تندوف تشكل ثغرة أمنية خطيرة، حيث حذرت الأجهزة الاستخباراتية الإسبانية من أن استمرار تهميش الشباب داخل هذه الفضاءات المعزولة قد يحولهم إلى وقود جاهز للتطرف، في ظل غياب الرقابة الدولية ومحدودية تدخلات المجتمع الدولي.
تعليقات 0